والأولى اعتبار الكثرة عرفاً.
ولو فعل ذلك ناسياً ، لم تبطل مطلقاً إجماعاً كما ذكره في المنتهي (١) إلا أن يوجب محو صورة الصلاة رأساً ، فيجيء فيه ما مرّ في الفعل الكثير.
وهذا الحكم ثابت في جميع الصلوات فرضِها ونفلِها (إلا في) موضعٍ واحد ، وهو (الوتر لمن أصابه عطش وهو يريد الصوم) (٢) وخاف فجأة الصبح ؛ لرواية سعيد الأعرج : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي أُريد الصوم وأكون في الوتر فأعطش وأكره أن أقطع الدعاء وأشرب وأكره أن أصبح وأنا عطشان والماء في قلّة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث ، قال : «تسعى إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء» (٣).
واشترط بعض (٤) الأصحاب مع ذلك أن لا يفعل ما ينافي الصلاة غير الشرب ؛ اقتصاراً في الرخصة على موردها ، فلا يستدبر ، ولا يفعل فعلاً كثيراً غير الشرب ، ولا يحمل نجاسةً غير معفوّ عنها ، إلى غير ذلك. وأكثره مستفاد من الرواية ، لكن تجويزه ثلاث خطوات قد ينافي منع الفعل الكثير الحاصل منها ، فإنّ المصنّف في كتبه (٥) عدّها كثيرةً. فإن سلّم ذلك ، كان أيضاً مستثنى ؛ للرواية (٦).
ولا فرق في الوتر بين الواجب بنذر وشبهه ، والمندوب ، ولا في الصوم بين كونه واجباً أو مندوباً ؛ لأنّ ترك الاستفصال في الرواية يوجب العموم.
والشيخ جَعَل موردَ الرخصة مطلقَ النافلة ، واستدلّ بالرواية (٧) و (٨).
وقد عرفت أنّها مخصوصة بالقيود المذكورة ، فتعديتها إلى مطلق النافلة غير واضح (٩).
__________________
(١) منتهى المطلب ٥ : ٣٠٤.
(٢) في إرشاد الأذهان ١ : ٢٦٨ : «الوتر لصائم أصابه عطش».
(٣) التهذيب ٢ : ٣٢٩ ٣٣٠ / ١٣٥٤.
(٤) انظر : السرائر ١ : ٣٠٩ ؛ وجامع المقاصد ٢ : ٣٥٢.
(٥) منها : تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٨٩ ، ذيل المسألة ٣٢٨ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٥٢١.
(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في الهامش (٣).
(٧) أي : رواية سعيد الأعرج ، المتقدّمة آنفاً.
(٨) الخلاف ١ : ٤١٣ ، المسألة ١٥٩.
(٩) الظاهر : غير واضحة.