(فإن) رجع الشاكّ في الفعل في موضعه و (ذكر) بعد فعله (أنّه كان قد فَعَله ، فإن كان ركناً ، بطلت صلاته) لأنّ زيادة الركن مبطلة مطلقاً ، إلا في المواضع المتقدّمة ، وليس هذا منها (وإلا) يكن ركناً (فلا) تبطل ، بل يكون حكمه حكم مَنْ زاد سهواً.
ولا فرق في ذلك بين السجدة وغيرها ، خلافاً للمرتضى (١) حيث أبطل الصلاة بزيادتها هنا.
ويدفعه قول الصادق عليهالسلام : «لا يعيد الصلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة» (٢).
وقد اختلف في مسألة من مسائل استدراك الركن لشكّه فيه في محلّه هل تبطل الصلاة عند ذكر فعله أم لا؟ أشار إليها المصنّف تنبيهاً على الخلاف فيها وإن كانت داخلةً فيما سبق بقوله (ولو شكّ في الركوع وهو قائم فركع ثمّ ذكر قبل رفعه) أنّه ركع قبل ذلك (بطلت) الصلاة (على رأي) قويّ ؛ لتحقّق زيادة الركن ، لأنّ الركوع لغةً : الانحناء. وشرعاً كذلك على الوجه المخصوص ، والذكر والطمأنينة فيه والرفع منه أُمور خارجة عن حقيقته لا يتوقّف تحقّقه عليها ، فيدخل تحت الأحاديث الدالّة على بطلان الصلاة بزيادة الركوع.
وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمرتضى والشهيد في الذكرى (٣) إلى عدم البطلان ؛ لأنّ ذلك وإن كان بصورة الركوع ومنويّاً به الركوع إلا أنّه في الحقيقة ليس بركوع ؛ لتبيّن خلافه ، والهويّ إلى السجود مشتمل عليه وهو واجب ، فيتأدّى الهويّ إلى السجود به ، فلا تتحقّق الزيادة ، بخلاف ما لو ذكر بعد رفع رأسه من الركوع ؛ فإنّ الزيادة حينئذٍ محقّقة (٤) ؛ لافتقاره إلى الهويّ إلى السجود.
وقد تقدّم البحث في أنّ نيّة الصلاة ابتداءً تقتضي كون كلّ فعل في محلّه ، ومن جملة ذلك كون هذا الهويّ للسجود ، وهي مستدامة ، فتكون في حكم المبتدأ ، فترجّح على النيّة الطارئة ؛ لسبقها ، ولكون النيّة الثانية وقعت سهواً ، وقد عرفت إجزاء المندوب عن الواجب لو نواه سهواً ، كما في ناوي الفرض ثمّ عزبت نيّته إلى النفل سهواً ، وكما في نيّة الاستراحة
__________________
(١) جُمل العلم والعمل بشرح القاضي ابن البرّاج : ١٠٤ ١٠٥ ؛ وانظر جُمل العلم والعمل تحقيق رشيد الصفّار : ٧١.
(٢) التهذيب ٢ : ١٥٦ / ٦١١.
(٣) النهاية : ٩٢ ؛ المبسوط ١ : ١٢٢ ؛ جُمل العلم والعمل : ٧١ ؛ الذكرى ٤ : ٥١.
(٤) في الطبعة الحجريّة : متحقّقة.