بالجلوس بين السجدتين لناسي السجدة ، وإجزاء الواجب عن الواجب فيما لو نوى بالجلوس المذكور كونه للتشهّد ، وقد تحقّق ذلك كلّه ، فيكون هذا من ذلك.
وفيه نظر ؛ لأنّ فعل الركوع بقصده يقتضي كونه ركوعاً بل فعله بغير قصد بعينه له ؛ لأنّ أفعال الصلاة لا تجب لكلّ واحد منها نيّة بخصوصه ، بل النيّة الأُولى كافية.
نعم ، يشترط عدم الصارف عن ذلك الفعل المعيّن.
ثمّ إنّا لا ندّعي أنّ الركوع هو الهويّ على الوجه المخصوص حتّى يوجب صرفه إلى السجود بزوال حقيقة الركوع ، بل نقول : إنّ الركوع هو الانحناء على الوجه المخصوص ، وهو أمر آخر وراء الهويّ ، والمبطل هو تلك الهيئة ، لا الهويّ بنيّة الركوع ، وهي لا تزول بصرف الهويّ إلى السجود.
ومن هنا يظهر الفرق بين هذا الفعل وما عُورض به من الأفعال الواجبة والمندوبة التي يؤدّي بها واجب آخر ؛ إذ ليس في تلك الأفعال مغايرة بحسب الصورة لذلك الواجب ، بل هي أفعال مثله ، وإنّما اختلفت بالنيّة ، بخلاف هذا الركوع ؛ فإنّه مغاير للهويّ وزائد عليه على وجه تتحقّق معه الركنيّة ، فلا يتأدّى به فعل أضعف منه لا ركنيّة فيه بحيث يخرجه عن نظائره من الأركان المبطلة للصلاة بزيادتها. ولأنّ ذلك القدر من الركوع لو لم يكن مبطلاً للصلاة لم تبطل بالرفع منه ؛ لأنّ الرفع منه ليس بركن قطعاً ولا جزء من الركن ، فإذا وقع سهواً ، لم تبطل الصلاة ؛ لأنّ الهويّ والانحناء قد صرف إلى هويّ السجود ، والذكر والرفع لا مدخل لهما في الركنيّة ، مع أنّ المخالف هنا لا يدّعي ذلك ، بل يعترف بأنّ الركوع هو الانحناء المخصوص ؛ لأنّه كذلك لغةً ، والأصل عدم النقل ، وإنّما يدّعي صرفه إلى السجود.
وقد تحقّق من ذلك أنّ القول بالبطلان هو الحقّ ، وأنّ القدر المبطل هو الانحناء على وجه تتحقّق معه صورة الركوع وإن لم يسبّح ، ومن ثَمَّ حكموا بأنّه لو نسي الذكر في الركوع أو الطمأنينة أو الرفع منه ، لم تبطل الصلاة ، بل قيل : لا يوجب شيئاً (١) ، بخلاف نسيان الركوع.
وهذا لا ينافي ما أسلفناه سابقاً من إجزاء واجبٍ منويّ سهواً عن واجبٍ آخر اقتضته نيّة
__________________
(١) القائل هو الشهيد في الألفيّة : ٦٩.