النصّ على علامات القبلة للبعيد دالّ عليه ؛ لاتّساع خِطّةِ الأقاليم عن سعة الحرم.
وقال الشيخ وأكثر الأصحاب (١) : إنّ الكعبة قبلةُ مَنْ في المسجد ، والمسجد قبلة مَنْ في الحرم ، والحرم قبلة مَنْ خرج عنه (٢) ، حتى ادّعى الشيخ عليه الإجماع (٣) ، وقد روي من طريق العامّة عن النبيّ (٤) ، ومن طريق الخاصّة عن الصادق (٥).
وفي طريق الجميع ضعف ، وفي بعضها إرسال. والإجماع لم يتحقّق ؛ لمخالفة جماعة من أعيان الفضلاء ، كالمرتضى (٦) وابن الجنيد (٧) وغيرهما من المتقدّمين وأكثر (٨) المتأخّرين إن لم يكن جميعهم.
وفي الذكرى نزّل الأخبار الدالّة على المسجد والحرم على الجهة على سبيل التقريب إلى أفهام المكلّفين وإظهاراً لسعة الجهة (٩).
وهذا القول مع ضعف مستنده (١٠) يستلزم بطلان صلاة بعض الصفّ الذي يزيد طوله على سعة الحرم ، فكيف تصحّ صلاة أهل الإقليم الواحد كالعراق بعلامةٍ واحدة!؟
واعلم أنّ عبارة الأصحاب مختلفة في معنى الجهة التي هي قبلة البعيد اختلافاً معنويّاً.
فقال المصنّف في التذكرة : جهة الكعبة هي ما يظنّ أنّه الكعبة حتى لو ظنّ خروجه عنها لم تصحّ (١١).
__________________
(١) كما في الذكرى ٣ : ١٥٩ ؛ ومنهم : سلّار في المراسم ٦٠ ؛ والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٨٤ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٨٥.
(٢) النهاية : ٦٢ ٦٣ ؛ المبسوط ١ : ٧٧ ٧٨ ؛ الخلاف ١ : ٢٩٥ ، المسألة ٤١.
(٣) الخلاف ١ : ٢٩٥ ، المسألة ٤١.
(٤) سنن البيهقي ٢ : ١٦ ، ذيل الحديث ٢٢٣٤.
(٥) الفقيه ١ : ١٧٧ ١٧٨ / ٨٤١ ؛ والتهذيب ٢ : ٤٤ / ١٣٩ و ١٤٠.
(٦) جُمل العلم والعمل : ٦٣.
(٧) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٧٩ ، المسألة ٢٤.
(٨) منهم : ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٠٤ ؛ والمحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ٦٥ ؛ والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٣١ ؛ والعِمة الحلّي في تذكرة الفقهاء ٣ : ٦ ، المسألة ١٣٦ ؛ وقواعد الأحكام ١ : ٢٦ ؛ ومختلف الشيعة ٢ : ٧٩ ، المسألة ٢٤ ؛ والشهيد في البيان : ١١٤ ؛ والدروس ١ : ١٥٨ ؛ والذكرى ٣ : ١٥٨.
(٩) الذكرى ٣ : ١٥٩.
(١٠) في الطبعة الحجريّة : «سنده» بدل «مستنده».
(١١) تذكرة الفقهاء ٣ : ٧.