ولو شكّا فيما أضمراه ، فقد أطلق جماعة (١) البطلان أيضاً ؛ لعدم اليقين بالإتيان بأفعال الصلاة على وجهها.
وفصّل المصنّف ، فقطع بالبطلان إن كان في الأثناء ؛ لأنّه لا يمكنهما المضيّ على الانفراد ولا على الاجتماع ، وتردّد فيما إذا شكّا بعد الفراغ ممّا ذُكر ومن أنّه شكّ بعد الانتقال (٢).
ويشكل الأوّل بمنع عدم إمكان الانفراد عنده وعند الأكثر إذا لم تكن الجماعة واجبةً ، والثاني بأنّ الشكّ في المبطل بعد الفراغ من الصلاة لا يقتضي البطلان ، فيتّجه حينئذٍ أن يقال : إن كان الشكّ بعد الفراغ ، فلا التفات. وإن كان في الأثناء وكان قبل القراءة ، تعيّن الانفراد ؛ لأنّ المنفرد إن كان إماماً ، فالقراءة عليه واجبة. وإن كان مأموماً ، يجوز له الانفراد.
وإن كان الشكّ بعد القراءة ، فإن كانا قد قرءا بنيّة الوجوب ، أو شكّا في النيّة ، اتّجهت الصحّة أيضاً ، فينفردان ، وإلا اتّجه البطلان ؛ للإخلال بالواجب.
ويحتمل البناء على ما قام إليه ، فإن لم يعلم ما قام إليه ، فهو منفرد. وقوّاه في الذكرى (٣).
وقوله (أو الائتمام بغير المعيّن) معطوف على «كلّ» أي : وكذا تبطل الصلاة لو نوى المأموم الائتمام بغير إمام معيّن ، كما لو نوى الاقتداء بأحد هذين. وقد تقدّم الكلام فيه.
(ولا يشترط) في انعقاد الجماعة (نيّة) الإمام (الإمامة) للأصل ، ولعدم الاختلاف بين أفعال المنفرد والإمام. ولجواز الائتمام في أثناء الصلاة وإن لم يعلم الإمام ، ولا قائل بالفرق.
نعم ، يستحبّ له نيّة الإمامة ليفوز بثوابها يقيناً ، فلو لم ينوها ، احتمل عدم الثواب له عليها ؛ لعموم «وإنّما لكلّ امرئ ما نوى» (٤).
فعلى هذا لو تجدّدت الإمامة بعد النيّة ، جدّد الإمام نيّتها بقلبه ، ولا يفتقر إلى ذكر باقي
__________________
(١) كما في الذكرى ٤ : ٤٢٤.
(٢) تذكرة الفقهاء ٤ : ٢٦٧ ، الفرع «ج» ؛ نهاية الإحكام ٢ : ١٢٧.
(٣) الذكرى ٤ : ٤٢٥.
(٤) صحيح البخاري ١ : ٣ / ١ ؛ سنن أبي داوُد ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٤٥ / ١٤٢٢.