لأنّه إن أراد السمت بالمعنى اللغوي ، ورد عليه صلاة الصفّ المستطيل وصلاة أهل الإقليم الواحد بعلامةٍ واحدة. وإن أراد المعنى الاصطلاحي وهو النقطة من دائرة الأُفق إذا واجهها الإنسان كان مواجهاً للكعبة فالطريق الموصلة إليها تقريبيّة لا يتحقّق معها نفس الكعبة ؛ لأنّها مأخوذة من طول البلد وعرضها ، ومعلوم أنّ مقدار الفرسخ والفرسخين لا يؤثّر في اختلاف ذلك تأثيراً بيّناً بحيث يترتّب عليه سمت آخر. وحينئذٍ يلزم من استخراج السمت بذلك الطريق على طرف فرسخٍ كون الصلاة على ذلك السمت في الطرف الآخر غير صحيحة ؛ لعدم كون الكعبة فيه.
وفي الذكرى : المراد بالجهة السمت الذي يظنّ كون الكعبة فيه ، لا مطلق الجهة ، كما قال بعض العامّة : إنّ الجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس ، والمشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس ؛ لأنّا نتيقّن الخروج هنا عن القبلة ، وهو ممتنع (١). وهو قريب من تعريف المعتبر ، غير أنّه اكتفى بظنّ كون الكعبة في السمت.
والذي يظهر من كلامه في الردّ على المخالف أنّ المراد بالسمت جهة مخصوصة أضيق من الجهات الأربع بحيث يظنّ كون الكعبة فيها لا السمت بمعنييه ، ومعنى كون الكعبة في تلك الجهة اشتمال الجهة عليها وإن كانت أوسع منها بكثير بحيث لا يقطع في جزء من الجهة المذكورة بخروج الكعبة منه على التعيين ، فيصير حينئذٍ أجود التعريفات.
وقال المقداد : جهة الكعبة التي هي القبلة للنائي هي خطّ مستقيم يخرج من المشرق إلى المغرب الاعتداليّين ، ويمرّ بسطح الكعبة ، فالمصلّي حينئذٍ يفرض من نظره (٢) خطّاً يخرج إلى ذلك الخط ، فإن وقع عليه على زاوية قائمة ، فذاك هو الاستقبال. وإن كان على حادّة أو (٣) منفرجة ، فهو إلى ما بين المشرق والمغرب (٤). إلى آخره. وهذا التعريف مخصوص بجهة العراقي.
وتبعه على ذلك المحقّقُ الشيخ علي ، إلا أنّه أتى بتعريفٍ يشمل جميع البلاد ، فقال : المراد بالجهة ما يسامت الكعبة عن جانبيها بحيث لو خرج خطّ مستقيم من موقف المستقبل
__________________
(١) الذكرى ٣ : ١٦٠.
(٢) في المصدر : قطرة.
(٣) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «و». وما أثبتناه من المصدر.
(٤) التنقيح الرائع ١ : ١٧٨.