تلقاء وجهه ، وقع على خط جهة الكعبة بالاستقامة بحيث يحدث عن جنبيه زاويتان قائمتان ، فلو كان الخط الخارج من موقف المصلّي واقعاً على خط الجهة لا بالاستقامة بحيث تكون إحدى الزاويتين حادّةً والأُخرى منفرجةً ، فليس مستقبلاً لجهة الكعبة (١).
وفيهما من جهة التعريف فسادات كثيرة لا تخفى على مَنْ تفطّن لها ، ومن جهة ما يترتّب عليهما من الحكم الشرعي نظر من وجوه :
أ ـ إنّ الخطّ الخارج عن جانبي الكعبة لم يبيّن قدره إلى أين ينتهي؟ فإن كان امتداده إلى منتهى الجهتين كما هو مقتضى تعريف المقداد فظاهر فساده ؛ إذ يلزم منه كون أهل الدنيا صلاتهم إلى جهتين متقابلتين. وإن أراد امتداده قدراً مخصوصاً بحسب الإقليم الذي لا تتفاوت القبلة فيه ، فلا يتمّ أيضاً ؛ لأنّ موقف المصلّي ليس له نقطة خاصّة بحيث لا يمكن العدول عنها يميناً ولا يساراً ، وإلا لكانت الجهة أضيق من العين ؛ لأنّ الالتفات اليسير بالوجه عمّا كان عليه لا يقطع الصلاة ولا يؤثّر في تحقّق الاستقبال ، فلنفرض خطّاً خرج من نظره الأوّل واتّصل بالخطّ المفروض عن جانبي الكعبة ثمّ خطّاً آخر خرج من نظره الثاني المتحوّل عن الأوّل قليلاً ، فإذا اتّصل بالخطّ المفروض ، حدث من هذه الخطوط مثلّث ، فالزاويتان الداخلتان الحادثتان من وقوع هذين الخطّين على الثالث إمّا حادّتان أو إحداهما حادّة ، ولا يجوز أن تكونا قائمتين ، كما هو مبرهن في محلّه ، فيلزم منه بطلان الصلاة إلى أحد النظرين ؛ لعدم المسامتة.
ب ـ إنّ العلامات المنصوبة من قِبَل الشارع دليلاً على الجهة كالجدي مثلاً لا يمكن جَعْلها على نقطة مخصوصة بحيث لا يعدل عنها أصلاً ، بل يمكن العراقي جَعْله (٢) خلف المنكب والصلاة ثمّ جَعْله كذلك مع انحرافٍ يسير عن الحالة الأُولى بحيث لا يخرج عن كونه علامةً ، وحينئذٍ يختلف الخطّان مع خروجهما من محلّ واحد ، ويتّصلان بالخطّ المسامت للكعبة مختلفين ، كما تقدّم ، فيحدث المثلّث المذكور ، ويأتي ما فيه من الفساد.
ج ـ إنّ العلامة المعتبرة حال الطلوع كسُهيل لا يتّفق طلوعها في القطر الواحد المحكوم باتّحاد قبلته على دائرةٍ واحدة ؛ لاختلاف البلاد في الصعود والانخفاض ، وحينئذٍ فجَعْله
__________________
(١) شرح الألفيّة (ضمن رسائل المحقّق الكركي) ٣ : ٢٤١ ٢٤٢.
(٢) أي جَعْل الجدي.