بالجهة ، كالرياح ، فإنّ علامة القطب مثلاً تفيد العلم بالجهة ، ويبقى التصريح بأنّ هذه العلامات المستنبطة بالاجتهاد هل هي مفيدة للعلم بالجهة أم لا؟ خالٍ من العبارة ، وليس بضائر.
ب ـ إنّه لم يسمّ التعويل على العلامات اجتهاداً ، وسمّى التعويل على الأمارات المفيدة للظنّ اجتهاداً ، كما دلّ عليه قوله : «ويجتهد مع الخفاء» ثمّ قوله : «فإن فقد الظنّ» وهذا اصطلاح خاصّ ، فإنّ المصنّف (١) وغيره (٢) يطلقون المجتهد في القبلة على كلّ مَنْ يعرف العلامات ، سواء كانت علميّةً بالنسبة إلى الجهة أم ظنّيّةً ، بل إطلاقه على العالم بالعلامات القويّة أكثر.
وإنّما قيّدنا قوله : «يجتهد» بتحصيل الأمارات الظنّيّة مع كونه مطلقاً ؛ لأنّه جَعَله مشروطاً بخفاء العلامات ، وهي متناولة للعلميّة والظنّيّة ، ولمّا كان العمل بالعلامات المفيدة للظنّ مشروطاً بتعذّر المفيدة للعلم كما نبّه عليه هو وغيره لزم تقييد الاجتهاد هنا بالمفيد للظنّ.
ثمّ بيّن إرادة هذا المعنى بقوله (فإن فقد الظنّ) بالقبلة ، وهي المرتبة الثالثة (صلّى إلى أربع جهات كلّ فريضة).
ومقتضى إطلاق العبارة عدم الفرق في الفاقد بين كونه مع ذلك عالماً بالأمارات لكنّه ممنوع منها لعارضٍ ، كغيمٍ ونحوه ، أو جاهلاً بها مع القدرة على التعلّم أو لا معها ، فيجب على الثلاثة الصلاةُ إلى أربع جهات.
وفي وجوب الصلاة إلى الأربع للثلاثة خلاف.
أمّا الأوّل فذهب المصنّف في كثير من كتبه (٣) إلى ما دلّ عليه الإطلاق هنا ، واختاره في الذكرى محتجّاً بأنّ القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة ، والعارض سريع الزوال (٤).
وفي صلاحيّته للدلالة نظر ؛ لحصول العجز في الحال الذي هو محلّ التكليف ، فيرجع إلى التقليد ، كالأعمى. والقدرة على أصل الاجتهاد غير مفيدة مع المانع. وسرعة الزوال
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ٢٨ ؛ قواعد الأحكام ١ : ٢٦ ؛ نهاية الإحكام ١ : ٣٩٦.
(٢) كالمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ١ : ٥٦ ؛ والشهيد في البيان : ١١٦ ؛ والدروس ١ : ١٥٩ ؛ والذكرى ٣ : ١٧١.
(٣) منها : تحرير الأحكام ١ : ٢٩ ؛ ومنتهى المطلب ٤ : ١٧٢ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٣٩٨.
(٤) الذكرى ٣ : ١٧٢.