عليها أيّام حكومة عثمان ، فجعلها تحت تصرّف المعارضين ، فاشتروا جميع أدوات الحرب ، ووهبوا الكثير من الأموال للمرتزقة ، وقد اندلعت بذلك نار الحرب التي أسماها بعض المؤرّخين بحرب الجمل ، وقد أسرع الإمام (عليه السّلام) إليها فأخمد نارها ، وقضى على معالمها ، إلاّ أنّها أسفرت عن أفدح الخسائر التي مُنِيَ بها المسلمون ، فقد فتحت باب الحرب بين المسلمين ، ومهّدت الطريق إلى معاوية أنْ يعلن تمرّده على الإمام (عليه السّلام) ، ويناجزه أعنف الحروب وأشدّها ضراوة.
وأخذت الأحداث الجسام يتّصل بعضها ببعض ، ويتفرّع بعضها على بعض حتّى انتهت بمقتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وخذلان ولَده الحسن (عليه السّلام) ، وانتصار القوى الحاقدة على الإسلام. ويتعرّض هذا الكتاب إلى تفصيل ذلك بصورة موضوعية بما لا تحيّز فيه.
ـ ٣ ـ
ونجحت الاُمويّة بأساليبها الماكرة ، وبما استخدمته مِنْ وسائل دبلوماسيتها الغادرة في الاستيلاء على السّلطة في البلاد ، وظهرت على الصعيد الإسلامي دولة الاُمويِّين بقيادة زعيمهم معاوية بن أبي سفيان ؛ القائد الأوّل لجميع عمليات الحروب التي ناهضت الإسلام حينما فجّر المعلم والقائد الرسول (صلّى الله عليه وآله) دعوته الخلاّقة الهادفة لتطوير الوعي الاجتماعي ، وتأسيس مجتمع يقوم على العدل والمساواة.
ووقعت الأُمّة فريسة تحت أنياب الاُمويِّين ، واستسلمت لحكم إرهابي عنيف تتصاعد فيه الأحقاد والأضغان على قيَم الأُمّة ومكوّناتها الفكرية