ـ ٢ ـ
وظهر الصراع السّياسي بأبشع ألوانه حينما استولى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) على زمام السّلطة في البلاد ، فقد تحرّكت القوى الطامعة في الحكم وهي تُعلن العصيان المسلّح ؛ محاولة بذلك إسقاط حكومته التي احتضنت مصالح الشعوب الإسلامية ، وتبنّت حقوق الإنسان ، وراحت تؤسس معالم العدل والحقّ ، وتدكّ حصون الظلم ، وتنسف قلاع الباطل ، وترفع منار الكرامة الإنسانية ، وتقضي على جميع أسباب التخلّف والفساد التي تركها الحكم المباد.
لقد أوجد الإمام (عليه السّلام) انقلاباً جذريّاً ، وتحوّلاً اجتماعيّاً في الميادين السّياسية والفكرية والاقتصادية التي كان منها العدالة في التوزيع ، وإلغاء الامتيازات التي منحتها حكومة عثمان لبني أُميّة وآل أبي معيط ، ومصادرة الأموال التي اختلسوها بغير حقّ ، وعزل الولاة وسائر الموظّفين الذين اتّخذوا الحكم وسيلة للإثراء والاستعلاء على النّاس بغير حقّ. وقد أدّت التغييرات الاجتماعية التي أوجدتها حكومة الإمام (عليه السّلام) إلى زيادة الأزمات النّفسية في نفوس القرشيين وغيرهم مِن الحاقدين على الإصلاح الاجتماعي ؛ فأيقنوا أنّ حكومة الإمام ستدمّر مصالحهم الاقتصادية وغيرها ، فهبّوا متضامنين إلى إعلان المعارضة.
ومِن المؤسف حقّاً أنْ تضمّ المعارضة بعض أعلام الصحابة كطلحة والزبير ، وأنْ يكون العضو البارز فيها السيّدة عائشة زوج النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، ومِن المؤكد أنّه لمْ تكن للمعارضين أيّة أهداف اجتماعية أو إصلاحية ، وإنّما دفعتهم الأنانية والأطماع حسب التصريحات التي أدلوا بها في كثير مِن المناسبات ، وقد كان في طليعة القوى المتآمرة على الإمام الحزب الاُموي ؛ فقد سخّر جميع أرصدته المالية التي حصل