الكوفة (١) ، كما وردت عليه في يوم واحد ستمئة كتاب (٢).
وعلى أيّ حالٍ ، فقد كثرت كتب أهل الكوفة إلى الإمام ، وقد وقّع فيها الأشراف وقرآء المصر ، وهي تمثّل تعطّشهم لقدوم الإمام ؛ ليكون منقذاً لهم مِنْ طغمة الحكم الاُموي ، ولكن بمزيد الأسف فقد انطوت صحيفة ذلك الأمل ، وانقلب الوضع وتغيّرت الحالة ، وإذا بالكوفة تنتظر الحُسين لتسقي سيوفها مِنْ دمه وتُطعم نبالها مِنْ لحمه. تريد أنْ تحتضنَ جسد الحُسين لتوزّعه السيوف وتطعنه الرماح وتسحقه الخيول بحوافراها.
الكوفة تنتظر الحُسين لتثب عليه وثبة الأسد ، وتنشب أظفارها بذلك الجسد الطاهر. الكوفة تنتظر الحُسين لتسبي عياله بدل أنْ تحميهم ، وتروّع أطفاله بدل أنْ تؤويهم (٣). وهكذا شاءت المقادير ، ولا راد لأمر الله على نكث القوم لبيعة الإمام وإجماعهم على حربه.
ويقول المؤرّخون : إنّ الإمام بعد ما وافته هذه الرسائل عزم على أن يلبّي أهل الكوفة ، ويوفد إليهم ممثّله العظيم مسلم بن عقيل.
__________________
(١) الوافي في المسألة الشرقية ١ / ٤٣.
(٢) الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء ١ / ١٠٧ من مخطوطات مكتبة الإمام الحكيم.
(٣) مع الحسين في نهضته / ١٥٧.