فلبسها ودعا ببغلة فركبها ، فلمّا كان قريباً مِن القصر أحسّت نفسه بالشرّ فعزم على الانصراف ، وقال لحسّان بن أسماء : يابن الأخ إنّي والله لخائف مِنْ هذا الرجل فما ترى؟
فقال حسّان : يا عمّ ، والله ما أتخوّف عليك شيئاً ، ولِمَ تجعل على نفسك سبيلاً؟ وأخذ القوم يلحّون عليه حتّى أدخلوه على ابن مرجانة فاستقبله بعنف وشراسة ، وقال : أتتك بخائن رجلاه.
وكان شريح إلى جانبه ، فقال له :
اُريدُ حياتَهُ (١) ويريدُ قتلي |
|
عذيركَ مِنْ خليلِكَ مِنْ مُرادِ |
وذعر هانئ ، فقال له : ما ذاك أيّها الأمير؟ فصاح به الطاغية بعنف : أيهٍ يا هانئ! ما هذه الاُمور التي تتربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليّ؟
فأنكر ذلك هانئ ، وقال : ما فعلت ذلك وما مسلم عندي.
ـ بلى قد فعلت.
وطال النزاع واحتدم الجدال بينهما ، فرأى ابن زياد أنْ يحسم النزاع فدعا معقلاً الذي جعله عيناً عليهم ، فلمّا مثُلَ عنده قال لهانئ : أتعرف هذا؟
ـ نعم.
__________________
(١) يروى (حباءه) من العطاء.