محمّد بن الأشعث يطلب مِنْ سيّده ابن مرجانة أنْ يمدّه بالخيل والرجال ؛ فقد عجز عن مقاومة مسلم. ولامه الطاغية قائلاً : سُبحان الله! بعثناك إلى رجل واحد تأتينا به ، فثلم في أصحابك هذه الثلمة العظيمة (١)؟!
وثقل هذا التقريع على ابن الأشعث ، فراح يشيد بابن عقيل قائلاً : أتظنّ أنّك أرسلتني إلى بقّال مِنْ بقالي الكوفة ، أو جرمقاني مِنْ جرامقة (٢) الحيرة؟! (٣) ، وإنّما بعثتني إلى أسد ضرغام وسيف حسام في كفِّ بطل همام مِنْ آل خير الأنام (٤).
وأمدّه ابن زياد بقوى مكثّفة من الجيش فجعل البطل العظيم يقاتل وحده ، وهو يرتجز :
أقسمتُ لا اُقتلُ إلاّ حرّا |
|
وإنْ رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا |
أو يخلط البارد سخناً مُرّا |
|
رُدّ شعاعُ الشمسِ فاستقرا |
كلّ امرئ يوماً يلاقي شرّا |
|
أخافُ أنْ اُكذبَ أو اُغرّا (٥) |
لقد كنت يابن عقيل سيّد الأحرار ، فقد رفعت لواء العزّة والكرامة ورفعت شعار الحرية والإباء ، وأمّا خصومك الحقراء فهم العبيد الذين رضوا بالذلّ والهوان.
وحلّل الدكتور يوسف خليف هذا الرجز بقوله : هو رجز مِن الناحية النفسية صادق كلّ الصدق ، معبّر
__________________
(١) الفتوح ٥ / ٦٣.
(٢) الجرامقة : قوم من العجم صاروا إلى الموصل.
(٣) مقتل الحسين ـ المقرّم / ١٨٠.
(٤) الفتوح ٥ / ٩٣.
(٥) تاريخ الطبري.