مضاعفات الخير من فضلك. اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه (١) ، وأكرم لديك منزلته ، وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشّهادة ، ومرضىّ المقالة (٢) ذا منطق عدل ، وخطّة فصل. اللّهمّ اجمع بيننا وبينه فى برد العيش وقرار النّعمة (٣) ومنى الشّهوات ، وأهواء اللّذّات ، ورخاء الدّعة ، ومنتهى الطّمأنينة ، وتحف الكرامة (٤)
__________________
(١) أراد من بنائه : ما شيده صلّى اللّه عليه وسلم بأمر ربه : من الشريعة العادلة ، والهدى الفاضل ، مما يلجأ إليه التائهون ويأوى إليه المضطهدون ، فالامام يسأل اللّه أن يعلى بناء شريعته على جميع الشرائع ، ويرفع شأن هديه فوق كل هدى لغيره ، وإكرام المنزلة باتمام النور. والمراد من إتمام النور : تأييد الدين حتى يعم أهل الأرض ، وبظهر على الدين كله ، كما وعده بذلك ، وإكرام المنزلة فى الآخرة قد تقدم فى قوله «افسح له ، واجزه مضاعفات الخير»
(٢) أى : اجزه على بعثتك له إلى الخلق وقيامه بما حملته ، واجعل ثوابه ـ على ذلك ـ الشهادة المقبولة ، والمقالة المرضية يوم القيامة : وتلك الشهادة والمقالة تصدران منه ، وهو ذو منطق عدل ، و «خطة» أى : أمر فاصل. ويروى «وخطبة» ـ بزيادة باء بعد الطاء ـ أى : مقال فاصل. وقد روى أنه صلّى اللّه عليه وسلم يقوم ذلك المقام يوم القيامة فيشهد على أمته وعلى غيرها من الأمم ، فيكون كلامه الفصل
(٣) تقول العرب «عيش بارد» أى : لا حرب فيه ولا نزاع لأن البرد والسكون متلازمان تلازم الحرارة والحركة ، وقرار النعمة : مستقرها حيث تدوم ولا تفنى
(٤) منى : جمع منية ـ بالضم ـ وهى ما يتمناه الانسان لنفسه ، والشهوات : ما يشتهيه ، يدعو بأن يتفق مع النبى صلّى اللّه عليه وسلم فى جميع رغباته وميله والرخاء : من قولهم «رجل رخى البال» أى : واسع الحال. والدعة : سكون النفس واطمئنانها ، والتحف : جمع تحفة ، وهى ما يكرم به الانسان من البر واللطف وقد كان صلّى اللّه عليه وسلم من أرخى الناس بالا ، وألزمهم للطمأنينة ، وأعلاهم منزلة فى القلوب فالامام يطلب من اللّه أن يدنيه منه فى جميع هذه الصفات الكريمة