المضجع (١) ، ووحشة المرجع ، ومعاينة المحلّ (٢) ، وثواب العمل. وكذلك الخلف يعقب السّلف : لا تقلع المنيّة اختراما (٣) ولا يرعوى الباقون اجتراما (٤) يحتذون مثالا ، ويمضون أرسالا ، إلى غاية الانتهاء ، وصيّور الفناء (٥) حتّى إذا تصرّمت الأمور ، وتقضّت الدّهور ، وأزف النّشور (٦) أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطّيور ، وأوجرة السّباع ، ومطارح المهالك ، سراعا
__________________
(١) ضنك المضجع : ضيق المرقد ، والمراد القبر
(٢) معاينة المحل : مشاهدة مكانه من النعيم والجحيم ، وثواب العمل : جزاؤه الأعم من شقاء وسعادة ، والخلف : المتأخرون ، والسلف : المتقدمون. و «يعقب السلف» أى : يتبع ، ويروى «بعقب» بباء الجر ـ فيكون عقب بالسكون بمعنى بعد ، وأصله جرى الفرس بعد جريه ، يقال : لهذا الفرس عقب حسن
(٣) «لا نقلع» أى : لا تكف المنية عن اخترامها ، أى : استئصالها للأحياء
(٤) «لا يرعوى الباقون» أى : لا يرجعون ولا يكفون عن اجترام السيئات وثلاثى «ارعوى» رعى يرعو ، أى : كف ، ويقال : فلان حسن الرعوة والرعاء والرعوى والارعواء. و «الاجترام» افتعال من الجرم ، وهو الذنب والجريرة ، ويقال : جرم وأجرم بمعنى واحد. و «يحتذون مثالا» أى : يشاكلون بأعمالهم صور أعمال من سبقهم ، ويقتدون بهم و «يمضون أرسالا» جمع رسل بالتحريك ـ وهو القطيع من الابل والغنم والخيل يقال : جاءت الغنم أرسالا ، أى : قطيعا قطيعا
(٥) صيور الأمر ـ كتنور ـ مصيره وما يؤول إليه ، يريد الامام من ذلك أن الدنيا لا تزال تغر بنيها ، حتى يأنسوا إليها بالارتياح إلى لذائذها ، واستسهال احتمال آلامها ، ثم تنقلب بهم إلى ما لا بد منه ، وهم فى غفلة لاهون
(٦) «أزف النشور» قرب البعث ، والضمير فى «أخرجهم» إلى البعث على سبيل المجاز ، أو إلى اللّه تعالى ، والضرائح : جمع ضريح وهو الشق وسط القبر ، وأصله من «ضرحه» أى : دفعه وأبعده ، فان المقبور مدفوع منبوذ ، وهو أبعد الأشياء عن الأحياء ، والأوكار : جمع وكر ، وهو مسكن الطير وجمع الكثرة وكور ، والأوجرة : جمع وجار ـ ككتاب وسحاب ـ وهو الجحر والذين يبعثون من الأوكار والأوجرة هم الذين افترستهم الطيور الصائدة والسباع الكاسرة