سريرة ، وعمّر معادا ، واستظهر زادا (١) ليوم رحيله ، ووجه سبيله ، وحال حاجته ، وموطن فاقته ، وقدّم أمامه لدار مقامه. فاتّقوا اللّه عباد اللّه جهة ما خلقكم له (٢) ، واحذروا منه كنه ما حذّركم من نفسه (٣) واستحقّوا منه ما أعدّ لكم بالتّنجّز لصدق ميعاده (٤) والحذر من هول معاده منها : جعل لكم أسماعا لتعى ما عناها وأبصارا لتجلو عن عشاها (٥) ، وأشلاء جامعة لأعضائها ملائمة لأجنائها (٦) : فى تركيب صورها ، ومدد
__________________
واقتناها ، وهو من الاضداد
(١) «استظهر زادا» حمل زادا حمله ظهر راحلته إلى الآخرة ، والكلام تمثيل ، ووجه السبيل : المقصد الذى يركب السبيل لأجله
(٢) الجهة ـ مثلثة ـ الناحية والجانب ، وهو ظرف متعلق بحال من ضمير «اتقوا» أى : متوجهين جهة ما خلقكم لأجله من العمل النافع لكم ، الباقى أثره لأخلافكم
(٣) حذرنا من نفسه سبحانه أن نتعرض لما يغضبه بمخالفة أوامره ونواهيه ، و «كنه ذلك» : غايته ونهايته ، أى : احذروا نهاية ما حذركم ، ولا تقعوا فى شىء مما يغضبه. وقد يكون المراد من كنه ما حذرنا هو البحث عن كنهه وحقيقته ، فيأمرنا الامام بالتقوى والبعد عن البحث فى حقيقته وكنهه ، فان الوصول إلى كنه ذاته محال
(٤) «تنجز الوعد» طلب وفائه على عجل ، وتنجز ما وعد اللّه إنما يكون بالعمل له ، وبهذا التنجز العملى يستحق ما أعد اللّه للصالحين ، والحذر : معطوف على التنجز.
(٥) عناها : أهمها ، وتعيه : تحفظه ، وتجلو : من «جلا عن المكان» إذا فارقه أى : تخلص من عماها ، أى : لتبصر ، ولا تكون مبصرة حقيقة حتى يفيدها الابصار حركة إلى نافع ، وانقباضا عن ضار ، والأشلاء : جمع شلو ـ بالكسر ـ وهو الجسد ، أو العضو ، وعلى الثانى يكون المعنى أن كل عضو فيه أعضاء : باطنة أو صغيرة
(٦) الأحناء جمع حنو ـ بالكسر ـ : وهو كل ما اعوج من البدن ، وملاءمه الأعضاء لها : تناسها معها. وقد يراد من الأحناء : الجهات والجرانب ، و «ملاءمة»