والأقرباء؟ تحتذون أمثلتهم ، وتركبون قدّتهم (١) وتطأون جادّتهم؟! فالقلوب قاسية عن حظّها ، لاهية عن رشدها ، سالكة فى غير مضمارها! كأنّ المعنىّ سواها (٢) وكأنّ الرّشد فى إحراز دنياها. واعلموا أنّ مجازكم على الصّراط ومزالق دحضه ، وأهاويل زلله وتارات أهواله (٣) فاتّقوا اللّه تقيّة ذى لبّ شغل التّفكّر قلبه ، وأنصب الخوف بدنه (٤) ، وأسهر التّهجّد غرار نومه ، وأظمأ الرّجاء هواجر يومه ، وظلف الزّهد شهواته ، وأرجف الذّكر بلسانه وقدّم الخوف لإبّانه ، وتنكّب المخالج عن وضح السّبيل ، وسلك أقصد المسالك إلى النّهج المطلوب ، ولم تفتله فاتلات الغرور (٥) ولم تعم عليه
__________________
(١) القدة ـ بكسر فتشديد ـ الطريقة ، و «تطأون جادتهم» تسيرون على سبيلهم بلا انحراف عنهم فى شىء ، أى : يصيبكم ما أصابهم بلا أقل تفاوت
(٢) «كأن المعنى» أى : المقصود بالتكاليف الشرعية ، والموجه إليه التحذير والتبشير ، غيرها. وقوله «وكأن الرشد ـ الخ» أى : مع أن الرشد لم ينحصر فى هذا ، بل الرشد كل الرشد إحراز الآخرة لا الدنيا
(٣) «أن مجازكم ـ الخ» أنكم تجوزون على الصراط مع ما فيه من مزالق الدحض ، والدحض : هو انقلاب الرجل بغتة فيسقط المار ، والزلل. هو انزلاق القدم ، والتارات : النوب والدفعات
(٤) «أنصب الخوف بدنه» : أتعبه
(٥) والغرار ـ بالكسر ـ : القليل من النوم وغيره ، و «أسهره التهجد» أى : أزال قيام الليل نومه القليل ، فأذهبه بالمرة. و «أظمأ الرجاء ـ الخ» أى : أظمأ نفسه فى هاجرة اليوم ، والمعنى : صام رجاء الثواب. و «ظلف الزهد ـ الخ» أى : منعها وظلف : منع ، و «أرجف الذكر» تقول : «أرجف به» أى : حركه. ويروى