مشتبهات الأمور ، ظافرا بفرحة البشرى ، وراحة النّعمى (١) فى أنعم نومه ، وآمن يومه ، قد عبر معبر العاجلة حميدا (٢) وقدم ذات الآجلة سعيدا ، وبادر من وجل ، وأكمش فى مهل ، ورغب فى طلب ، وذهب عن هرب (٣) وراقب فى يومه غده ، ونظر قدما أمامه (٤) فكفى بالجنّة ثوابا ونوالا ، وكفى بالنّار عقابا ووبالا ، وكفى باللّه منتقما ونصيرا ، وكفى بالكتاب حجيجا
__________________
«أوجف» بالواو ـ أى : أسرع ، كأن الذكر لشدة تحريكه اللسان موجف به كما توجف الناقة براكبها ، و «إبان الشىء» بكسر فتشديد ـ وقته الذى يلزم ظهوره فيه أى : إنه خاف فى الوقت الذى ينفع فيه الخوف ، ويروى «لأمانه» أى : خاف فى الدنيا ليأمن فى الآخرة ، و «تنكب الشىء» مال عنه ، والمخالج : الشعوب من الطريق المائلة عن وضحه ، والوضح ـ محركة ـ الجادة ، و «عن وضح متعلق» بالمخالج ، أى : تنكب المائلات عن الجادة ، وأقصد المسالك : أقومها. و «لم تفتله الخ» أى : لم ترده ولم تصرفه ، و «لم تعم عليه» أى : لم تخف عليه الأمور المشتبهة حتى يقع فيها بحذر على غير بصيرة
(١) النعمى ـ بالضم ـ : سعة العيش ونعيمه «ظافرا» حال من الضمائر السابقة العائدة على «ذى لب» ، و «فى أنعم» متعلق براحة النعمى ، وجعل اتصافه بتلك الأوصاف فى حال الظفر تمثيلا لالتصاق السعادة بالفضيلة وملازمتها إياها
(٢) العاجلة : الدنيا ، وسميت معبرا لأنها طريق يعبر منها إلى الآخرة ، وهى الآجلة. «بادر من وجل» أى : سبق الى خير الأعمال خوفا من لقاء الأهوال و «أكمش» أسرع ، ومثله انكمش ، وكمشته تكميشا : أعجلته ، والمراد جد السير فى مهلة الحياة
(٣) أى : رغب فيما ينبغى طلبه ، وذهب وانصرف عما يجب الهروب منه
(٤) القدم ـ بفتحتين ـ السابق ، أى : نظر إلى ما يتقدم أمامه من الأعمال ويروى قدما ـ بضمتين ـ وهو المضى إلى أمام ، أى. مضى متقدما