أو معاذ ، أو ملاذ ، أو فرار ، أو محار؟ (١) أم لا؟ فأنّى تؤفكون (٢)! أم أين تصرفون؟ أم بما ذا تغترّون؟ وإنّما حظّ أحدكم من الأرض ذات الطّول والعرض قيد قدّه (٣) متعفّرا على خدّه. الآن عباد اللّه والخناق مهمل (٤) والرّوح مرسل ، فى فينة الإرشاد (٥) وراحة الأجساد ، وباحة الاحتشاد (٦) ومهل البقيّة ، وأنف المشيّة (٧) وإنظار التّوبة ، وانفساح الحوبة (٨) قبل الضّنك والمضيق ، والرّوع والزّهوق (٩) وقبل قدوم الغائب المنتظر (١٠) وأخذة العزيز المقتدر. قال الشريف : وفى الخبر أنه لما خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود ، وبكت العيون ، ورجفت القلوب. ومن الناس من يسمى هذه الخطبة «الغراء»
__________________
(١) «محار» أى : مرجع إلى الدنيا بعد فراقها
(٢) تؤفكون : تقلبون ، أى : تنقلبون
(٣) قيد قده ـ بكسر القاف وفتحها من الثانى ـ مقدار طوله ، يريد مضجعه من القبر
(٤) الخناق : الحبل الذى يخنق به ، وإهماله : عدم شده على العنق مدى الحياة ، أى : وأنتم فى قدرة من العمل وسعة من الأمل
(٥) الفينة ـ بالفتح ـ الحال والساعة والوقت ويروى «فينة الارتياد» بمعنى الطلب
(٦) باحة الدار : ساحتها ، والاحتشاد : الاجتماع ، أى : أنتم فى ساعة يسهل عليكم فيها التعاون على البر بالاجتماع بعضكم على بعض
(٧) أنف ـ بضمتين ـ مستأنف المشيئة ، أى : لو أردتم استئناف مشيئة وإرادة حسنة لأمكنكم
(٨) الحوبة : الحالة أو الحاجة
(٩) الروع : الخوف ، والزهوق الاضمحلال
(١٠) الغائب المنتظر : الموت