للبليّة ، وإنجازا للعدة ، فقال (إنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ إِلىٰ يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ) ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه ، وآمن فيها محلّته ، وحذّره إبليس وعداوته ، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة الأبرار (١) فباع اليقين بشكّه ، والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجذل وجلا (٢) ، وبالاغترار ندما ثمّ بسط اللّه سبحانه له فى توبته ، ولقّاه كلمة رحمته ، ووعده المردّ إلى جنّته ، وأهبطه إلى دار البليّة (٣) وتناسل الذّرّيّة (٤) ، واصطفى سبحانه من ولده
__________________
للأرض متمتعا بالوجود ، فيكون من الشيطان فى هذا الأمد ما يستحق به سخط اللّه وما تتم به بلية الشقاء عليه ، ويكون اللّه جل شأنه قد أنجز وعده فى قوله : (إنك لمن المنظرين).
(١) اغتر آدم عدوه الشيطان ، أى : انتهز منه غرة فأغواه ، وكان الحامل للشيطان على غواية آدم حسده له على الخلود فى دار المقام ، ومرافقته الأبرار من الملائكة الأطهار.
(٢) أدخل الشيطان عليه الشك فى أن ما تناول منه سائغ التناول بعد أن كان فى نهى اللّه له عن تناوله ما يوجب له اليقين بحظره عليه ، وكانت العزيمة فى الوقوف عند ما أمر اللّه فاستبد بها الوهن الذى أفضى إلى المخالفة ، والجذل ـ بالتحريك ـ الفرح ، وقد كان فى راحة الأمن بالاخبات إلى اللّه وامتثال الأمر ، فلما سقط فى المخالفة تبدل ذلك بالوجل والخوف من حلول العقوبة ، وقد ذهبت عنه الغرة ، وانتبه إلى عاقبة ما اقترف ، فاستشعر الندم بعد الاغترار.
(٣) أهبطه من مقام مرشده فيه الالهام الالهى الخالص من الشوائب لانسياق قواه إلى مقتضى الفطرة السليمة الأولى ، إلى مقر قد خلط له فيه الخير والشر ، واختط له فيه الطريقان ، ووكل إلى نظره العقلى ، وابتلى بالتمييز بين النجدين. واختيار أى الطريقين ، وهو العناد الذى تكدر به صفو هذه الحياة على الآدميين.
(٤) تناسل الذرية من خصائص تلك المنزلة الثانية التى أنزل اللّه فيها آدم ، وهو