حقاق مفاصلهم (١) المحتجبة لتدبير حكمتك لم يعقد غيب ضميره على معرفتك (٢) ولم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، وكأنّه لم يسمع تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ يقولون : «تَاللّٰهِ إِنْ كُنّٰا لَفِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ اَلْعٰالَمِينَ» كذب العادلون بك (٣) إذ شبّهوك بأصنامهم ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم (٤). وجزّأوك تجزئة المجسّمات بخواطرهم ، وقدّروك على الخلقة المختلفة القوى (٥) بقرائح عقولهم ، وأشهد أنّ من ساواك بشىء من خلقك فقد عدل بك ، والعادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك ، ونطقت عنه شواهد حجج
__________________
إلى إقامة وجودها بما يمسكها من قوته بمنزلة الناطق بذلك المعترف به ، وقوله «باضطرار» متعلق بدلنا ، و «على معرفته» متعلق به أيضا ، أى : دلنا على معرفته بسبب أن قيام الحجة اضطرنا لذلك ، و «ما دلنا» مفعول لأرانا ، و «ظهرت فى البدائع الخ» معطوف على «أرانا»
(١) الحقاق : جمع حق ـ بضم الحاء ـ وهو رأس العظم عند المفصل ، واحتجاب المفاصل : استتارها باللحم والجلد ، وذلك الاستتار مما له دخل فى تقوية المفاصل على تأدية وظائفها التى هى الغاية من وضعها فى تدبير حكمة اللّه فى خلقة الأبدان ، والمراد من شبهه بالانسان ونحوه
(٢) غيب الضمير : باطنه ، والمراد منه هنا العلم واليقين ، أى : لم يحكم بيقينه فى معرفتك بما أنت أهل له.
(٣) العادلون بك. الذين عدلوا بك غيرك ، أى : سووه بك وشبهوك به
(٤) نحلوك : أعطوك ، وحلية المخلوقين : صفاتهم الخاصة بهم من الجسمانية وما يتبعها ، أى : وصفوك بصفات المخلوقين ، وذلك إنما يكون من الوهم الذى لا يصل إلى غير الأجسام ولواحقها ، دون العقل الذى يحكم فيما وراء ذلك
(٥) قدروك : قاسوك