وباب قد أطبق على أهله فى نار لها كلب ولجب (١) ولهب ساطع ، وقصيف هائل (٢) ، لا يظعن مقيمها ، ولا يفادى أسيرها ، ولا تفصم كبولها (٣) لا مدّة للدّار فتفنى ، ولا أجل للقوم فيقضى.
ومنها فى ذكر النبى صلّى اللّه عليه وسلم :
قد حقّر الدّنيا وصغّرها ، وأهونها وهوّنها ، وعلم أنّ اللّه زواها عنه اختيارا (٤) ، وبسطها لغيره احتقارا ، فأعرض عنها بقلبه ، وأمات ذكرها عن نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا (٥) أو يرجو فيها مقاما ، بلّغ عن ربّه معذرا (٦) ونصح لأمّته منذرا ، ودعا إلى الجنّة مبشّرا نحن شجرة النّبوّة ، ومحطّ الرّسالة ، ومختلف الملائكة (٧) ومعادن العلم ، وينابيع الحكم ، ناصرنا ومحبّنا ينتظر الرّحمة ، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السّطوة
__________________
(١) عبر بالكلب ـ محركا ـ عن هيجانها ، واللجب ـ بالتحريك أيضا ـ الصوت المرتفع ، وأصله اضطراب موج البحر ، وتقول : جيش ذو لجب ، إذا كان ذا جلبة وصياح ، وباب فعله فرح
(٢) القصيف : أشد الصوت
(٣) جمع كبل ـ بفتح فسكون ـ وهو : القيد ، وتفصم : تنقطع
(٤) زواها : قبضها
(٥) الرياش : اللباس الفاخر
(٦) معذرا : مبينا للّه حجة تقوم مقام العذر فى عقابهم إن خالفوا أمره
(٧) مختلف الملائكة ـ بفتح اللام ـ محل اختلافهم ، أى : ورود واحد منهم بعد آخر فيكون الثانى كأنه خلف للأول ، وهكذا