ما بالكم لا سدّدتم لرشد (١) ولا هديتم لقصد؟ أفى مثل هذا ينبغى أن أخرج؟! إنّما يخرج فى مثل هذا رجل ممّن أرضاه من شجعانكم وذوى بأسكم ، ولا ينبغى لى أن أدع المصر ، والجند ، وبيت المال ، وجباية الأرض والقضاء بين المسلمين ، والنّظر فى حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج فى كتيبة أتّبع أخرى أتقلقل تقلقل القدح فى الجفير الفارغ (٢). وإنّما أنا قطب الرّحى : تدور علىّ وأنا بمكانى ، فإذا فارقتها استحار (٣) مدارها ، واضطرب ثفالها (٤) هذا ـ لعمر اللّه ـ الرّأى السّوء!! واللّه لو لا رجائى الشّهادة عند لقائى العدوّ لو قد حمّ لى لقاؤه (٥) ، لقرّبت ركابى (٦) ثمّ شخصت عنكم فلا أطلبكم ما اختلف جنوب وشمال. إنّه لا غناء فى كثرة عددكم (٧) مع قلّة اجتماع
__________________
(١) سدده : وفقه للسداد.
(٢) القدح ـ بالكسر ـ : السهم قبل أن يراش وينصل ، والجفير : الكنانة توضع فيها السهام ، وقيل : الحفير وعاء للسهام أوسع من الكنانة ، وإنما خص القدح لأنه يكون أشد قلقلة من السهم المراش ، حيث إن حد الريش قد يمنعه من القلقة أو يخففها
(٣) استحار : تردد ، واضطرب
(٤) الثفال ـ كغراب ، وكتاب ـ : الحجر الأسفل من الرحى ، وككتاب : ما وقيت به الرحى من الأرض ، وهو جلد يبسط ثم توضع الرحى فوقه ويطحن ، ليسقط عليه الدقيق
(٥) حم : قدر
(٦) حزمت إبلى وأحضرتها للركوب «وشخصت» أى : بعدت عنكم ، وتخليت عن أمر الخلافة
(٧) الغناء ـ بالفتح والمد ـ : النفع