البطنين المقدّمين من الدّماغ يتيامن النّابت منهما يسارا وبالعكس ، أي ويتياسر النّابت منهما يمينا ، حتّى يلتقيا على تقاطع صلبيّ ، ثمّ يمتدّ النّابت يمينا إلى الحدقة اليمنى ، والنّابت يسارا إلى الحدقة اليسرى تدرك الأضواء والألوان أوّلا وبالذّات ، وسائر المبصرات ثانيا وبالعرض.
وعرّفوا السّامعة : بأنّها قوّة مودعة في العصب المفروش على سطح باطن الصّماخ تدرك الأصوات بسبب تموّج الهواء الحاصل بالقرع والقلع العنيفين.
وعرّفوا الشّامّة : بأنّها قوّة مودعة في العصبتين الزّائدتين النّابتتين في مقدّم الدّماغ الشّبيهتين بحلمتي الثّدي تدرك الرّوائح بوصول الهواء المتكيّف بالرّوائح إليها.
وعرّفوا الذّائقة : بأنّها قوّة منبثّة في العصب المفروش على جرم اللّسان تدرك الطّعوم بواسطة الرّطوبة اللّعابيّة.
وعرّفوا اللّامسة : بأنّها قوّة تدرك الملموسات سارية بمعونة الأعصاب في جلد البدن كلّه ولحمه ، إلّا ما يكون عدم الإحساس أنفع بحاله ، كباطن القدم ، وكالوجه في حالتيّ الحرّ والبرد مثلا ، والعظام لا لمس لها ، فإنّها دعائم البدن ، فلو أحسّت لتألّمت بالاصطكاكات ، هذا تمام الكلام في القوى الظّاهريّة.
وأمّا الثّانية أعني القوى الباطنيّة فهي أيضا على خمسة أقسام : الحسّ المشترك ، الخيال ، القوّة الوهميّة ، القوّة الحافظة ، المتخيّلة.
وأمّا الحسّ المشترك : فهي القوّة الّتي ترتسم فيها صور الجزئيّات المحسوسة المدركة بالحواسّ الخمس.
وأمّا الخيال : فهو يحفظ الصّور المرتسمة في الحسّ المشترك ، فهو كالخزانة له ، وبه يعرف من يرى ، ثمّ يغيب ، ثمّ يحضر ، ولو لا هذه القوّة لامتنعت معرفته واختلّ النّظام.
وأمّا القوّة الوهميّة : فهي الّتي تدرك المعاني الجزئيّة ، كالعداوة الّتي تدركها الشّاة من الذّئب ، والمحبّة الّتي يدركها الولد من أمّه.
وأمّا القوّة الحافظة : فهي الحافظة للمعاني الّتي يدركها الوهميّة ، فتكون كالخزانة للقوّة الوهميّة ، ونسبتها إلى الوهميّة نسبة الخيال إلى الحسّ المشترك.
وأمّا المتخيّلة : فهي القوّة الّتي تتصرّف في الصّور المحسوسة ، والمعاني الجزئيّة بالتّركيب