العمليّ.
وأمّا التّخلية : فهي تهذيب الباطن بالعقل العملي عن سوء الأخلاق كالبخل والحسد ، ونحوهما من الملكات الرّذيلة.
وأمّا التّحلية : فهي تزيين الباطن بعد تخليته من الرّذائل بالفضائل والملكات الشّريفة.
وأمّا الفناء : فهو مشاهدة السّالك بالعقل العملي ، كلّ ذي ظهور مستهلكا بنور الله ، وهذه المرتبة لها مراتب ثلاث : المحو والطّمس والمحق.
أمّا المحو : فهو أن يشاهد السّالك كلّ الأفعال فانية في فعله سبحانه وتعالى.
وأمّا الطّمس : فهو أن يشاهد السّالك كلّ الصّفات فانية في وصفه تعالى.
وأمّا المحقّ : فهو أن يشاهد كلّ الوجودات فانية في وجوده سبحانه وتعالى.
هذا تمام الكلام في القوّة العاقلة.
وأمّا الوهميّة : فهي القوّة المدركة للمعاني الجزئيّة الموجودة بشرط أن تكون تلك المدركات الجزئيّة لا تتأتّى إلى مدركها من طرق الحواسّ ، وذلك كإدراك صداقة زيد ، وعداوة بكر ، وإدراك الشّاة ، وإيذاء الذّئب مثلا ، ومحلّ تلك القوّة أوّل التّجويف الآخر من الدّماغ من جهة القفا ، وذلك لأنّهم يقولون : إنّ في الدّماغ تجاويف ، أي بطونا ثلاثة : إحداها في مقدّم الدّماغ ، وأخرى في مؤخّره ، وثالثة في وسطه ، فيزعمون أنّ الوهم قائم بأوّل التّجويف الآخر ، ولتلك القوّة الواهمة خزانة تسمّى الذّاكرة والحافظة قائمة بمؤخّر تجويف الوهم ، فإذا أدركت محبّة زيد ، وعداوة عمرو ، كان ذلك الإدراك بالقوّة الواهمة ، فإذا غفلت عن ذلك كان مخزونا في خزانتها ، وهي الحافظة ، فترجع تلك القوّة إليها عند المراجعة.
وأمّا الحسّ المشترك : فهو القوّة الّتي تتأدّى ، أي تصل إلى الصّور المحسوسة الجزئيّة من الحواسّ الظّاهرة ، فتدركها وهي قائمة بأوّل التّجويف الأوّل من الدّماغ من جهة الجبهة ، ويعنون بالصّور المدركة بهذه القوّة ما يمكن إدراكه بالحواسّ الظّاهرة ، ولو كان مسموعا كصورة زيد المدركة بالبصر ، وكرائحة هذا الشّيء المدركة بالشّمّ ، وكحسن هذا الصّوت ، أو قبحه المدرك بالسّمع ، وحلاوة هذا العسل المدركة بالذّوق ، ونعومة هذا الحرير المدركة باللّمس ، ويعنون بالمعانيّ الجزئيّة المدركة للوهم ما لا يمكن إدراكه بالحواسّ الظّاهرة