مخالفة الثّاني له ، مع أنّ العدم معتبر في مفهوم الأوّل ، فلا يكون وجوديّا ، [فإنّه (١)] أي إنّما يجعل التّضادّ وشبهه جامعا وهميّا ، لأنّ الوهم [ينزّلهما (٢) منزلة التّضايف] في أنّه (٣) لا يحضره (٤) أحد المتضادّين أو الشّبيهين بهما إلّا ويحضره الآخر
________________________________________
فظاهر ، لأنّ مخالفة الثّالث والرّابع فما فوقهما للأوّل أكثر من مخالفة الثّاني له ، وأمّا عدم التّضادّ عند من لم يشترط أن يكون بينهما غاية الخلاف فلأجل امتناع جعلهما من المتضادّين لكن لا من جهة عدم غاية الخلاف بينهما ، بل لأجل اعتبار العدم في مفهوم الأوّل ، فلا يكون أمرا وجوديّا ، فلا يكون ضدّا لغيره لما علم من أنّ الضّدّين هما الأمران الوجوديّان.
(١) أي فإنّ الوهم ينزّل التّضادّ وشبهه منزلة التّضايف ، فيجمعهما في المفكّرة بهذا الاعتبار.
(٢) أي لا يخفى ما في هذه العبارة من الحزازة ، فإنّها ظاهرة في أنّ الوهم يعتبر التّضادّ وشبهه بمنزلة التّضايف ، وداخلين فيه ، كما أنّ العقل بالتّجريد يعتبر التّماثل داخلا في الاتّحاد ، وهذا غير صحيح جدّا ، لأنّ الضّدّين متلازمان عادة عند الوهم ، كما بيّنه الشّارح ، وكذلك مشابهين بهما ، ومقتضى ذلك أن يكونا بنفسهما جامعين من غير حاجة إلى التّنزيل والعناية ، فكان له أن يقول : ـ في بيان كون التّضادّ وشبهه جامعين وهميّين ـ فإنّ التّضادّ وشبهه عنده كالتّضايف عند العقل ، لأنّه كما لا ينفكّ أحد المتضايفين من الآخر عند العقل ، كذلك لا ينفكّ أحد الضّدّين والمشابهين بهما عن الآخر عند الوهم ، فالتّضادّ وشبهه جامعين للمتضادّين والمشابهين بهما عند الوهم ، كما أنّ التّضايف جامع للمتضايفين عند العقل ، وهذا هو المراد من العبارة ، ولكن إرادة هذا المعنى من العبارة المذكورة بعيدة جدّا.
(٣) أي الوهم ، ومتعلّق بقوله : «منزلة».
(٤) أي لا يحضر الوهم أحد المتضادّين أو الشّبيهين بهما ، إلّا ويحضر الوهم الآخر.
وحاصل الكلام في المقام :
إنّ العقل لمّا كان لا يخطر عنده أحد المتضايفين إلّا خطر الآخر ، وبذلك الارتباط جمعهما عند المفكّرة ، فالوهم كذلك في الضّدّين وشبههما ، فالمعنى أنّه يجمعهما عند المفكّرة بسبب أن خطور أحدهما عنده يلزمه غالبا خطور الآخر ، فحكم باجتماعهما عند المفكّرة تنزيلا لغلبة الخطور مع الآخر منزلة عدم الانفكاك كالمتضايفين.