جاء زيد ويتكلّم عمرو] فإنّه (١) لا يجوز أن يجعل ويتكلّم عمرو حالا عن زيد [لما سيأتي] من أنّ ربط مثلها (٢) يجب أن يكون بالضّمير فقطّ (٣). ولا يخفى (٤) أنّ المراد بقوله : كلّ جملة ، الجملة الصّالحة للحاليّة في الجملة ،
________________________________________
قال : يجوز أن تقع تلك الجملة حالا عنه ، فإنّ الاستثناء فيه لا يصحّ إلّا على نحو
(١) أي الضّمير للشّأن ، أي لا يجوز جعل (ويتكلّم عمرو) حالا عن زيد ، وذلك لعدم وجود الرّابط ، وهو الضّمير فقطّ ، نعم ، يجوز أن تجعل تلك الجملة عطفا على جملة (جاء زيد) عند وجود الجامع بينهما.
(٢) أي مثل جملة (ويتكلّم عمرو) ، وإنّما قال مثلها ، لأنّ ما سيأتي نظير ومثل لما هنا لا فرد منه ، لأنّ ما هنا هو المضارع الخالي عن الضّمير ، وما سيأتي هو المضارع المحتمل له لكن التّعليل الآتي يقتضي امتناع ربط المضارع المثبت مطلقا بالواو.
(٣) وليس في قوله : يتكلّم عمرو ، ضمير ، فلا يصحّ جعله حالا ، إلّا أن يقال : إنّا لا نسلّم أنّ ارتباطها يجب أن يكون بالضّمير وحده ، بل يصحّ بالواو مع الضّمير أيضا ، مثل قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)(١) ، فإنّ قوله : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ) جملة وقعت حالا ، وهي مضارع مثبت مع أنّ الرّبط ليس بالضّمير فقطّ.
(٤) هذا جواب عن سؤال مقدّر تقديره أن يقال : إنّ قوله «كلّ جملة خالية ...» شامل للجملة الإنشائيّة الخالية عن الضّمير لأنّها جملة أيضا ، مع أنّه لا يصحّ أن تقع حالا ، سواء كانت مع الواو أو بدونها ، لأنّ الغرض من الحال تخصيص وقوع مضمون عاملها بوقت حصول مضمون الحال ، فيجب أن يكون ممّا يقصد منه الدّلالة على حصول مضمونه ، وهو الخبريّة دون الإنشائيّة.
ومحصّل الجواب : أنّ المراد بقوله : «كلّ جملة خالية ...» هي الجملة الصّالحة للحاليّة في الجملة ، وهذه الجملة مختصّة بالخبريّة ولا شمول لها للإنشائيات ، لأنّ الغرض من الحال تخصيص وقوع مضمون العامل بوقت حصول مضمونها ، فلا بدّ من كونها ممّا يدلّ على حصول مضمونها ، والدّالّ على الحصول هو الخبريّة دون الإنشائيّة ، ولهذا تقع الخبريّة حالا في الجملة دون الإنشائيّة.
__________________
(١) سورة الصّف : ٥.