مع ظهور الاستئناف فيها (١) فحسن زيادة رابط (٢) نحو : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(١) (٣) أي وأنتم من أهل العلم (٤) والمعرفة ، أو وأنتم تعلمون ما بينهما (٥) من التّفاوت. [وقال عبد القاهر (٦) : إن كان المبتدأ] في الجملة الاسميّة
________________________________________
(١) أي في الجملة الاسميّة دون الفعليّة ، فإنّ الفعليّة وإن كانت منتقلة لكن حاصلها الفعل والفاعل ، وذلك حاصل الحال المفردة المشتقّة ، بخلاف الاسميّة فقد يكون جزءاها جامدين فلا يكون حاصلها كحاصل المفردة ، فكان الاستئناف فيها أظهر منه في الفعليّة ، والحاصل إنّ الاسميّة بعدت عن المفردة من حيث دلالتها على الثّبوت ، ومن ظهور الاستئناف فيها ، فلذا ترجّح فيها الواو.
(٢) أي رابط آخر غير الضّمير ، وهو الواو ، وذلك لظهور انفصالها عن العامل في صاحب الحال ، والانفصال يحتاج إلى مزيد ربط لأجل قطعه بالمرّة بخلاف الاتّصال.
(٣) والشّاهد في قوله : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) حيث إنّه جملة اسميّة قد وقعت حالا مع الواو ، لأنّ الواو حاليّة ، و (أَنْتُمْ) مبتدأ ، و (تَعْلَمُونَ) فعل وفاعل خبر للمبتدأ ، والجملة حال عن فاعل جعل.
(٤) أي أشار الشّارح بذلك إلى أنّ (تَعْلَمُونَ) يحتمل أن يكون المراد به أنتم أهل العلم والمعرفة ، أي ومن شأنّ العالم التّمييز بين الأشياء ، فلا يدّعي مساواة الحقّ للباطل ، فيكون ذلك الفعل منزّلا منزلة اللّازم ، إذ لا يطلب له مفعول حينئذ ، ويحتمل أن يكون المراد أنتم تعلمون ما بين الله تعالى وبين الأنداد الّتي تدعونها من التّفاوت الكلّي ، لأنّهم مخلوقون عجزة ، والله تعالى خالق قادر فكيف تجعلونهم أندادا له ، فيكون المفعول محذوفا.
(٥) أي ما بين الله والأنداد من التّفاوت.
(٦) أي قول عبد القاهر مقابل للمشهور ، بيان ذلك : أنّ المشهور جواز ترك الواو مع أولويّة الإتيان بها في الجملة الاسميّة مطلقا ، أي من دون تفصيل بين ما فيه ظرف مقدّم وما ليس كذلك ، وبين ما فيه حرف ابتداء مقدّم وما ليس كذلك ، وبين ما عطفت على مفرد وما ليس كذلك ، وبين ما يظهر تأويلها بمفرد وما ليس كذلك ، وكلام الشّيخ عبد القاهر يخالف ذلك ، فإنّه حكم في غير المبدوءة بالظّرف وغير المبدوءة بحرف الابتداء ، وغير المعطوفة على مفرد
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢.