أي الحمق والجهالة [ممن عاش كدّا] أي خير ممّن عاش مكدودا متعوبا (١) [أي (٢) النّاعم وفي ظلال العقل] يعني أنّ أصل المراد أنّ العيش النّاعم في ظلال النّوك خير من العيش الشّاقّ في ظلال العقل (٣) ولفظه (٤) غير واف بذلك ، فيكون (٥) مخلا فلا يكون (٦) مقبولا
________________________________________
والشّاهد في البيت كونه مشتملا على الإخلال ، وذلك لأنّه يفيد أنّ العيش في حال الجهل سواء كان ناعما أو لا ، خير من عيش المكدود سواء كان عاقلا أولا ، وليس هذا مراد الشّاعر ، بل مراده أنّ العيش النّاعم فقطّ مع رذيلة الجهل ، والحماقة خير من العيش الشّاق مع فضيلة العقل ، والبيت غير واف بهذا المعنى المراد ، لأنّ اعتبار النّاعم في الأوّل ، وفي ظلال العقل في الثّاني لا دليل عليه لفظا ، وإنّما يفهمه السّامع بعد التّأمل والدقّة والتّوجه ، وبعد التّوجه قدّر النّاعم في المصراع الأوّل ، وفي ظلال العقل في المصراع الثّاني ، وينتقل إلى هو مقصود الشّاعر ، فالبيت مردود لاشتماله على الإخلال.
(١) أي التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ المصدر بمعنى اسم المفعول حال عن فاعل «عاش».
(٢) أي هذا التّفسير من المصنّف إشارة إلى حذف صفة في المصراع الأوّل ، والتّقدير والعيش النّاعم ، وحذف حال في المصراع الثّاني ، والتّقدير ممّن عاش كدّا في ظلال العقل ، وكلّ منهما لا يعلم من الكلام بسهولة ، ولأجل ذلك أصبح مردودا لاشتماله على الإخلال.
(٣) وذلك لأنّ الجاهل الأحمق يتنعّم على أيّ وجه ، ولا يضيق على نفسه بشيء ، ولا يتأمّل في عواقب أموره من الموت ، والقيامة فيجد للعيش لذّة ، بخلاف العاقل فإنّه يتأمّل في العواقب والآفات والفناء والممات ، فلا يجد للعيش لذّة.
(٤) أي لفظ البيت «غير واف بذلك» ، أي بالمعنى المراد لعدم فهم هذين القيدين منه بسهولة.
(٥) أي فيكون لفظ البيت مخلا لعدم وفائه بالمعنى المراد.
(٦) أي فلا يكون البيت مقبولا ، لأنّ العيش وهو العامّ لا يدلّ على الخاصّ ، وهو العيش النّاعم.