مطّردا (١) إذ الاقتصاص مطلقا (٢) سبب للحياة بخلاف القتل (٣) فإنّه قد يكون أنفى للقتل كالّذي على وجه القصاص ، وقد يكون ادعى له كالقتل ظلما (٤). [وخلوّه (٥) عن التّكرار] بخلاف قولهم ، فإنّه (٦) يشتمل على تكرار القتل ولا يخفى أنّ الخالي عن التّكرار أفضل من المشتمل عليه (٧) وإن لم يكن (٨) مخلا بالفصاحة.
________________________________________
(١) أي عامّا لكلّ فرد من أفراده.
(٢) أي في كلّ وقت وكلّ فرد من أفراد النّاس سبب للحياة.
(٣) أي بخلاف القتل في قولهم : القتل أنفى للقتل ، فإنّه لا اطّراد فيه ، إذ ليس كلّ قتل أنفى للقتل ، بل تارة يكون أنفى له كالقتل قصاصا ، وتارة يكون أدعى له كالقتل ظلما ، وجعل كلامهم هذا غير مطّرد بالنّظر لظاهره ، وإن كان بحسب المراد منه وهو القتل قصاصا مساويا للآية في الاطّراد ، والحاصل إنّ ترجيح الآية على كلامهم بالاطّراد في الآية وعدمه في كلامهم بالنّظر لظاهر كلامهم ، وهذا كاف في التّرجيح.
لا يقال : إنّ الكلام في الفضل بحسب البلاغة وعدم الاطّراد ينافي الصّدق ولا ينافي البلاغة.
لأنّا نقول : إنّ الأولى حينئذ أن يرجّح قوله تعالى على قولهم بالنّص على المقصود من القتل ، فإنّ المراد من كلّ منهما القتل قصاصا والآية نصّ في هذا المراد بخلاف قولهم : إذ لفظ القتل ليس نصّا في القصاص.
(٤) حيث يقتل القاتل بسبب قتل الغير ظلما ، فيكون هذا النّوع من القتل أدعى للقتل.
(٥) أي خلوّ قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) عن التّكرار.
(٦) أي قولهم يشتمل على تكرار القتل.
(٧) أي الخالي عن التّكرار أفضل من المشتمل على التّكرار ، وذلك لأنّ التّكرار من حيث إنّه تكرار من عيوب الكلام.
(٨) أي وإن لم يكن التّكرار مخلا بالفصاحة ، لأنّ أصل الفصاحة مفروغ عنها ، وإنّما الكلام في الفضل والتّرجيح ، فما هو خال عن التّكرار أفضل على ما هو مشتمل عليه ، وإن كان فصيحا ، كترجيح الصّلاة في البيت على الصّلاة في الحمّام.
فإن قلت : في هذا التّكرار ردّ العجز على الصّدر ، وهو من المحسنات.
قلت : إنّ التّرجيح من جهة لا ينافي المرجوحيّة من جهة أخرى ، فكلامهم مشتمل على