[(فَانْفَجَرَتْ) ، إن قدّر (١) فضربه بها] فيكون قوله : فضربه بها جملة محذوفة (٢) ، هي سبب (٣) لقوله : (فَانْفَجَرَتْ) [ويجوز أن يقدّر (٤) ، فإن ضربت بها فقد (٥) انفجرت] فيكون المحذوف جزء (٦) جملة هو الشّرط (٧) ، ومثل هذه الفاء (٨) تسمّى فاء فصيحة.
________________________________________
والشّاهد في قوله تعالى : كونه من باب إيجاز الحذف ، حيث حذفت فيه الجملة المستقلّة السّببيّة ، وهي قوله : «فضربه بها» أي فضرب موسى الحجر بالعصا.
(١) هذا شرط لكون الآية من قبيل كون الجملة المحذوفة فيها سببا لمسبّب مذكور ، ثمّ إنّ ظاهر كلام الشّارح إنّ الفاء في قوله : «فضربه فيها» أيضا مقدّرة وأنّ الحذف للعاطف والمعطوف جميعا.
(٢) أشار بحذفها إلى سرعة الامتثال حتّى أنّ الأثر وهو الانفجار لم يتأخّر عن الأمر.
(٣) أي مضمونها سبب لمضمون قوله : (فَانْفَجَرَتْ).
(٤) هذا مقابل لقوله : «إن قدّر فضربه بها».
(٥) تقدير قد ، لأجل الفاء الدّاخلة على الماضيّ ، إذ الماضيّ إذا وقع جوابا للشّرط يمتنع فيه الفاء من دون قد ، أي لا يقترن بالفاء إلّا مع قد.
(٦) فلا تكون الآية عندئذ ممّا نحن فيه.
(٧) أي المراد بالشّرط هو فعل الشّرط وأداته ، وظاهرن أنّ المذكور على هذا الاحتمال ، وهو قوله : (فَانْفَجَرَتْ) جواب الشّرط ، ويرد عليه أنّ كون الجواب ماضيا ينافي استقبال الشّرط ، إذ مقتضى كون الجواب معلّقا على الشّرط أن يكون مستقبلا بالنّسبة له ، وكونه ماضيا يقتضي وقوعه قبله ، لا سيّما مع اقترانه بقد ، ويجاب عنه بأنّ الماضيّ يؤول مضمونه بمعنى المضارع ، أي إن ضربت يحصل الانفجار.
(٨) أي هذه الفاء وما ماثلها من كلّ فاء اقتضت التّرتيب على محذوف «تسمّى فاء فصيحة» سميّت بذلك لإفصاحها عن الجملة المقدّرة قبلها ، ودلالتها عليها ، فأريد بالفصاحة معناها اللّغويّ ، أي الإبانة والظّهور ، وهذا يقتضي أنّها تسمّى بذلك على كلّ من التّقديرين ، أي تقدير كونها عاطفة ، وكونها رابطة للجواب ، وذكر بعضهم أنّها سمّيت بذلك ، لأنّها لا تدلّ على المحذوف قبلها إلّا عند الفصيح ، أو لأنّها لا ترد إلّا من الفصيح لعدم معرفة غيره بمواردها.