بل يتوقّف (١) على ما قبله ، [نحو : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)(١) (٢) على وجه (٣)] ، وهو أن يراد وهل نجازي ذلك الجزاء المخصوص (٤) ، إلّا الكفور فيتعلّق (٥) بما قبله ، وأمّا على الوجه الآخر (٦) ،
________________________________________
(١) وإنّما كان المتوقّف على ما قبله ليس جاريا مجرى المثل ، لأنّ المثل يوصف بالاستقلال كما عرفت.
(٢) وقبلها :
(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) الآية ،
والشّاهد في الآية كونها مشتملة على الضّرب الأوّل من التّذييل ، وهو الّذي لم يخرج مخرج المثل ، وذلك لأنّ الجملة الثّانية مرتبطة بالأولى ، إذ المراد بالجزاء فيها هو الجزاء المخصوص وهو إرسال سيل العرم.
والحاصل إنّ قوله تعالى : (جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) مضمونه أنّ آل سبأ جزاهم الله بكفرهم بأن أرسل عليهم سيل العرم ، وبدّل جنتّيهم ، ومضمون قوله : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) أنّ ذلك العقاب المخصوص المعيّن المذكور فيما قبل هذه الآية لا يقع إلا على الكفور ، فكونه من هذا الضّرب على هذا الوجه ظاهر ، لأنّه على هذا الوجه ارتبط معنى (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) بما قبله فيكون من الضّرب الأوّل.
(٣) متعلّق بمحذوف ، أي إنّما يكون هذا المثال من هذا الضّرب على وجه.
(٤) أي وهو المذكور فيما قبل ، وهو إرسال سيل العرم عليهم ، وتبديل جنّيتهم.
(٥) أي فيرتبط قوله : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) بما قبله ، وهو قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) وحينئذ فلا يجري مجرى المثل في الاستقلال.
(٦) أي بأن يكون المراد من الجزاء معناه العام ، أي مطلق العقاب والثّواب حيث يقال لكلّ مكافأة ومقابلة بفعل الإنسان ، كما في الحديث : النّاس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخيرا ، وإن شرّا فشرّ.
__________________
(١) سورة سبأ : ١٧.