في قولهم : أنا أفعل كذا أيّها الرّجل (١)] فقولنا : أيّها الرّجل أصله (٢) تخصيص المنادى بطلب إقباله عليك ، ثمّ جعل (٣) مجرّدا عن طلب الإقبال ، ونقل (٤) إلى تخصيص مدلوله (٥) من بين أمثاله بما نسب (٦) إليه. إذ (٧) ليس المراد بأيّ ووصفه (٨)
________________________________________
(١) أنا مبتدأ ، وجملة أفعل كذا خبره ، وأيّ مبنيّ على الضّمّ في محلّ نصب مفعول لمحذوف وجوبا ، أي أخصّ ، و «الرّجل» بالرّفع نعت لأيّ باعتبار لفظها ، والجملة في محلّ نصب على الحال ، والمنادى في الحقيقة هو الرّجل ، وأيّ وصلة لندائه ، ومفيدة لتخصيص المنادى بطلب الإقبال الّذي مستفاد من يا.
(٢) أي أصل «أيّها الرّجل» تخصيص المنادى بطلب إقباله عليك.
(٣) أي جعل «أيّها الرّجل» مجرّدا عن طلب الإقبال ، أي بنقله لمطلق التّخصيص ، لأنّ المتكلّم لا يطلب إقبال نفسه.
(٤) أي نقل بعد التّجريد عن طلب الإقبال إلى تخصيص مدلوله بما نسب إليه.
(٥) أي مدلول «أيّها الرّجل» وهو ذات المتكلّم هنا المعبّر عنها بالضّمير.
(٦) أي بالحكم الّذي إليه وربط به كافعل كذا في المثال المذكور.
(٧) علّة لقوله : «ونقل إلى تخصيص مدلوله» ، وإنّما نقل عن أصله لما ذكر من أنّ المراد من أيّ ووصفها ما دلّ عليه ضمير المتكلّم السّابق ، ولم يرد به المخاطب فقولنا : «يا أيّها الرّجل» صورته صورة النّداء ، وليس بنداء ، وحينئذ فلا يجوز فيه إظهار حرف النّداء ، لأنّه لم يبق فيه معنى النّداء أصلا لا حقيقة ، كما في يا زيد ، ولا مجازا في المتعجّب منه ، والمندوب فإنّهما منادى دخلهما معنى التّعجّب والتّفجّع ، فمعنى يا للماء ، احضر أيّها الماء ، حتّى يتعجّب منك ، ومعنى يا محمّداه ، احضر فأنا مشتاق إليك ، فلمّا لم يبق في الكلام معنى النّداء أصلا ، لا وجه لذكر أداته.
(٨) وهو الرّجل في المثال المذكور ، لأنّه بمعنى الكامل المختصّ.