ونحوه (١) أن يكون بينهما] أي بين الجملتين [جهة جامعة نحو : زيد يكتب ويشعر] ، لما بين الكتابة والشّعر من التّناسب الظّاهر (٢) [أو يعطي ويمنع] لما بين الإعطاء والمنع من التّضادّ (٣) ، بخلاف نحو : زيد يكتب ويمنع ، أو يعطي ويشعر (٤) ، وذلك (٥) لئلّا يكون الجمع بينهما (٦) كالجمع بين الضّبّ والنّون ، وقوله : ونحوه ،
________________________________________
(١) أي ما يكون بمعنى الواو مجازا ، مثل أو والفاء ، فإنّهما قد يجيئان بمعنى الواو.
(٢) لأنّ كلّا منهما تأليف كلام فإنّ المراد بالكتابة هنا إنشاء النّثر ، كما أنّ المراد بالشّعر إنشاء النّظم ، فهذا التّناسب يوجب اجتماعهما في المفكّرة عند أربابهما ، فالجامع هنا قياسيّ باعتبار المسندين ، وأمّا باعتبار المسند إليهما ، فعقليّ على ما سيجيء ، ثمّ الجامع يتفاوت بحسب المقامات ، فربّ جامع في مقام لا يصلح جامعا في مقام آخر ، فإن كنت في مقام دعوى أنّ الموجودات متفاوتة يقبل منك قولك : الشّجر طويل والنّخلة قصيرة ، والسّماء متعالية وماء البحر راكد ، وهكذا ، فإنّ مجرّد الاشتراك في الشّيئيّه والكون والوجود يكفي في العطف في هذا المقام.
ولا يكفي فيما إذا كنت في مقام مجرّد الإخبار عن حكمها فتدّبر.
(٣) وهو موجب للتّلازم في صقع الذّهن ، إذ ضدّ الشّيء أقرب خطورا بالبال عند خطوره ، فهما متناسبان ، والتّناسب يوجب اجتماع المتناسبين في المفكّرة ، فهو جامع خياليّ ، وذكر المصنّف مثال العطف في الجمل عند وجود الجامع ، وترك مثال عطف المفرد على مثله عند وجود الجهة الجامعة بينهما ، ومثاله : جاء زيد وابنه ، وتكلّم عمرو وأبوه ، فالجهة الجامعة بين زيد وابنه وعمرو وأبيه التّضايف ، وهو أمر يوجب اجتماعهما في المفكّرة ، وحينئذ فيكون الجامع بينهما خياليّا.
(٤) أي العطف في الأمثلة المذكورة غير مقبول ، وذلك لانتفاء الجامع الّذي يكون شرطا لقبول العطف ، هذا بالنّسبة إلى الجمل ، وبخلاف ما لو قيل في المفردين : جاءني زيد وحمار ، أو زيد وعمرو حيث لا صداقة بينهما ولا عداوة ، فإنّه لا يقبل.
(٥) أي بيان وجه اشتراط الجهة الجامعة بين الجملتين في قبول العطف.
(٦) أي عند انتفاء الجهة الجامعة «كالجمع بين الضّبّ والنّون» في عدم التّناسب ، لأنّ النّون ، وهو الحوت حيوان بحريّ لا يعيش إلّا في البحر ، والضّبّ حيوان برّيّ لا يشرب الماء وإذا