أراد به (١) ما يدلّ على التّشريك كالفاء وثمّ وحتّى (٢) ، وذكره (٣) حشو مفسد ، لأنّ هذا الحكم (٤) مختصّ بالواو ، لأنّ لكلّ من الفاء وثمّ وحتّى معنى محصّلا غير التّشريك والجمعيّة (٥) ، فإنّ تحقّق هذا المعنى (٦) حسن العطف ، وإن لم توجد جهة جامعة (٧) ،
________________________________________
عطش روى بالرّيح ، فلا مناسبة بينهما ، فمن جمع بينهما في مكان يضحك عليه النّاس ، فكذلك عطف المفردين لا مناسبة بينهما يضحك عليه البلغاء.
نعم عند البسطاء صحيح ، بل مقبول كما أنّ الجمع بين الضّبّ والنّون عند المجانين لا قبح فيه ، وقول المصنّف : «ونحوه» الظّاهر أنّه أراد به نحو الواو من حروف العطف الدّالّة على التّشريك في الحكم ، وهذا شأن جميع حروف العطف.
(١) أي «نحوه».
(٢) أي بناء على أنّه يعطف بها الجمل كما في قولك : فعلت معه كلّ ما أقدر عليه حتّى خدمته بنفسي أو مطلقا ، لأنّ الشّرط يعتبر في المفردات أيضا.
ثمّ إنّ الظّاهر أنّ ذكر هذه الثّلاثة ، أعني الفاء وثمّ وحتّى إنّما هو من باب المثال لا الحصر ، لأنّ الدّلالة على التّشريك لا يختصّ بها ، بل تجري في جميع حروف العطف ، وأيضا ذكر حتّى هنا مبنيّ على مذهب البعض ، إذ سيأتي منه أنّه لا يقع في عطف الجمل.
(٣) أي وذكر نحوه حشو ومفسد.
(٤) أي الشّرط مخصوص بالواو ، وهذا الاعتراض إنّما جاء من جعل قوله : «ونحوه» عطفا على قوله : «بالواو» وهو غير متعيّن ، لجواز أن يكون عطفا على قوله : «مقبولا» فيكون التّقدير : وشرط كونه مقبولا ، وكونه نحو المقبول ، والمراد بنحو المقبول على هذا أن لا يبلغ في القبول بأن يكون مستحسنا فقطّ. وفيه نظر ، لأنّ المقبول يشمل المستحسن والكامل والأحسن.
(٥) أي زائدا عليه ، والمراد بالتّشريك التّشريك في حكم الإعراب ، وبالجمعيّة الاجتماع في المقتضي للإعراب ، وحينئذ فالعطف مرادف ، والحاصل إنّ التّشريك في حكم الإعراب موجود في جميع حروف العطف ، لكن ثمّ والفاء وحتّى لها معان أخر غير التّشريك.
(٦) أي قصد التّشريك.
(٧) أي أمر يجمعهما في العقل أو في الوهم أو في الخيال ، ويقرب أحدهما من الآخر ، أي غير التّشريك ، إذ هو لازم لكلّ عطف بأيّ حرف كان.