بيان لقوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) فحكمه حكمه (١) ،
________________________________________
العطف عليها ، والتّعرّض لحكم العطف على الأولى أولى لكون المتبوع أسبق اعتبارا.
(١) أي فحكم (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) حكم (إِنَّا مَعَكُمْ) في العطف ، أي فالعطف على الثّانية كالعطف على الأولى في لزوم المحذور المذكور ، لأنّ كلّا منهما من مقول المنافقين ، فاستغنى بالنّصّ على عدم صحّة العطف على الأولى عن النّصّ على عدم صحّته على الثّانية.
ولا يقال : حيث كان حكمهما واحدا فهلّا عكس.
لأنّا نقول : المتبوع أولى بالالتفات إليه ، لأنّ العطف عليه هو الأصل ، فقول الشّارح ، وأيضا كان الأولى أن يقول : لكنّ العطف على المتبوع هو الأصل ، ويحذف أيضا.
وذكر بعض أنّ قوله : «أيضا» اعتذار ثان ، وحاصله أنّه إنّما نصّ على نفي العطف على الأولى دون الثّانية ، لأنّ الثّانية تابعة للأولى ، والعطف المتبوع هو الأصل ، فيكون نفيه هو الأصل ، وإن كان حكم التّابع في العطف عليه حكم المتبوع في لزوم المحذور المذكور ، ثمّ المراد بالبيان في قوله : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بيان لقوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) هو البيان اللّغويّ وهو الإيضاح لا الاصطلاحي ، فيحصل البيان سواء قلنا بأنّ جملة (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) تأكيد للجملة الأولى ، أو بدل اشتمال منها ، أو مستأنفة استئنافا بيانيّا.
ووجه الأوّل : أنّ الاستهزاء بالإسلام يستلزم نفيه ، ونفيه يستلزم الثّبات على الضّلال الّذي هو الكفر ، وهو معنى قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ).
ووجه الثّاني : وهو كون الثّانية بدل اشتمال أنّ الثّبات على الكفر يستلزم تحقير الإسلام والاستهزاء به ، فبينهما تعلّق وارتباط.
ووجه الثّالث : إنّ الجملة الثّانية واقعة في جواب سؤال مقدّر تقريره : إذا كنتم معنا ، فما لكم تقرّون لأصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بتعظيم دينهم ، وباتّباعه ، فقالوا : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) وليس ما ترونه منّا باطنيّا.
والحاصل إنّ المراد بالبيان هو البيان اللّغوي ، ولا شكّ أنّ كلّا من التّأكيد وبدل الاشتمال والاستئناف يحصل به البيان المذكور ، وليس المراد بالبيان البيان الاصطلاحيّ كي يقال : إنّ عطف البيان في الجمل ، لا بدّ فيه من وجود الإبهام الواضح في الجملة الأولى ، ولم يوجد هنا في الجملة الأولى إبهام واضح.