فإذا عطفت الثّانية على الأولى بذلك العاطف ظهرت الفائدة (١) أعني حصول معاني هذه الحروف بخلاف (٢) الواو ، فإنّه لا يفيد إلّا مجرّد الاشتراك (٣) وهذا (٤) إنّما يظهر فيما
________________________________________
فيه شيء آخر ، بشهادة الاستعمال والذّوق.
وأمّا أو وأمّا الّتي بمعناها عند مصاحبة الواو فمعانيهما المعلومة كافية في الإفادة من الشّكّ والإبهام والتّخيير والتّقسيم والإباحة ، سواء في ذلك الجمل والمفردات ، لأنّ المعنى المراعى فيهما واحد في الأمرين ، وإذا استعملت أو مثلا للإضراب ، فهي لاستئناف كلام آخر لا عاطفة ، كما في قوله تعالى : (كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) فتخرج عن هذا الباب.
وأمّا لكن فهي لإثبات الضّدّ ، وذلك كاف في الحسن ، وكذا بل حيث كانت عاطفة ، فهي في الجمل لتقرير مضمونها ، وفي المفردات لتقرير الحكم بعد الإثبات والأمر ، ولإثبات الضّدّ بعد النّفي والنّهي ، وذلك كاف بشهادة الاستعمال والذّوق.
(١) أي لا يتوقّف ظهورها على شيء آخر حتّى أنّه يشترط لصحّة العطف.
(٢) أي فإنّه لا يفيد إلّا اشتراك الجملتين في حكم الإعراب إن كان لهما محلّ من الإعراب ، فإن لم يكن لهما محلّ لم تفد الواو إلّا اشتراكهما في التّحقّق ، ولا توجّه للنّفس إلى اشتراكهما في التّحقّق بعد معرفة تحقّقهما ، لأنّه ليس معنى يعجب النّفس ، وإنّما يعجبها ويجعلها طالبة له بشرائط لا تتيسّر معرفتها إلّا لأوحديّ ، فلهذا حصر بعضهم البلاغة فيه ، مبالغة في كونه مدارا لها.
(٣) أي اشتراك المتعاطفين في موجب الإعراب أو في التّحقّق في الحصول في الخارج ، وإضافة مجرّد للاشتراك من إضافة الصّفة للموصوف ، أي الاشتراك المجرّد عن المعاني المحصّلة لغيرها.
(٤) أي إفادة الواو للاشتراك ، إنّما يظهر فيما له حكم إعرابي كالمفردات والجمل الّتي لها محلّ ، فإذا كان للجملة الأولى محلّ من الإعراب ظهر المشترك فيه ، وهو الأمر الموجب للإعراب ، فيصحّ أن يقال : اشتركت الجملتان أو المفردان في الخبريّة أو الحاليّة مثلا ، وحيث ظهر المشترك فيه حصل للعطف بها فائدة ، ولا يحتاج إلى جامع.
فإن قلت : هذا يقتضي أنّ العطف بالواو على الجملة الّتي لها محلّ من الإعراب لا يفتقر إلى جامع ، وقد تقدّم ما يخالف ذلك في قوله : «فشرط كونه مقبولا بالواو أن يكون بينهما