و (ذلِكَ الْكِتابُ) جملة ثانية (١) و (لا رَيْبَ فِيهِ) ثالثة (٢) [فإنّه (٣) لمّا بولغ (٤) في وصفه] أي وصف الكتاب [ببلوغه] متعلّق بوصفه ، أي في أن وصف بأنّه (٥) بلغ [الدّرجة القصوى (٦) في الكمال] ، وبقوله بولغ تتعلّق الباء في قوله : [بجعل المبتدأ (ذلِكَ)] الدّالّ على كمال العناية بتمييزه ، والتّوسّل ببعده إلى التّعظيم وعلوّ الدّرجة.
________________________________________
رَيْبَ فِيهِ) مؤكّدة لها ، إلّا فيما إذا كانت القسم ، فإنّها حينئذ جواب لها.
نعم إذا جعل (ذلِكَ الْكِتابُ) مبتدأ وجملة (لا رَيْبَ فِيهِ) خبر عنه ، فلا يجري فيه ما ذكره.
الإشارة إلى أنّ القرآن الّذي عجزتم عن معارضته من جنس هذه الحروف الّتي تتحاورون بها في خطبكم وكلماتكم ، فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أنّه من عند الله سبحانه.
والحاصل : إنّه لو كان (الم) طائفة من حروف المعجم لا إعراب لها ، وليست مبتدأ أو خبرا ، أو نحوهما ف (ذلِكَ الْكِتابُ) عندئذ يمكن أن تجعل جملة مستقلّة ، و (ذلِكَ الْكِتابُ)
(١) بأن يكون (ذلِكَ) مبتدأ و (الْكِتابُ) خبره.
(٢) يعني كالأوليين في الاستقلال وعدم المحلّ من الإعراب ، واحترز الشّارح بقوله : إذا جعلت (الم) طائفة من الحروف عمّا إذا جعلت (الم) طائفة من الحروف قصد تعدادها ، أو جملة مستقلّة اسميّة أو فعليّة على ما مرّ ، و (ذلِكَ الْكِتابُ) مبتدأ ، و (لا رَيْبَ فِيهِ) خبرا ، أو جعلت (الم) مبتدأ و (ذلِكَ الْكِتابُ) خبرا ، أو جعلت (الم) مبتدأ و (لا رَيْبَ فِيهِ) خبرا ، وجملة (ذلِكَ الْكِتابُ) اعتراضا ، فإنّه لا تكون (لا رَيْبَ فِيهِ) جملة لا محلّ لها من الإعراب مؤكّدة لجملة قبلها كذلك.
(٣) أي الشّأن ، أعني الضّمير في قوله : «فإنّه» للشّأن.
(٤) بيان لكون (لا رَيْبَ فِيهِ) تأكيدا معنويّا ل (ذلِكَ الْكِتابُ).
(٥) أي الكتاب بلغ الدّرجة القصوى في الكمال ، والمعنى : إنّ الشّأن لمّا وقعت المبالغة في وصف الكتاب بأنّه بلغ في الكمال إلى الدّرجة الأعلى في الرّفعة والكمال.
(٦) أي قوله : «الدّرجة القصوى» معمول البلوغ ، و «في الكمال» متعلّق به.