[وتعريف الخبر باللّام (١)] الدّالّ على الانحصار مثل حاتم الجواد (٢) ، فمعنى (ذلِكَ الْكِتابُ) أنّه الكتاب الكامل الّذي يستأهل (٣) أن يسمّى كتابا ، كأنّ ما عداه من الكتب (٤) في مقابلته ناقص ، بل ليس (٥) بكتاب [جاز (٦)] جواب لمّا أي جاز بسبب هذه المبالغة المذكورة (٧) [أن يتوهّم (٨) السّامع قبل التّأمّل أنّه] أعني قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) [ممّا يرمى به جزافا] من غير صدور عن رويّة وبصيرة.
________________________________________
(١) أي وقعت المبالغة في وصف الكتاب بسبب جعل المبتدأ اسم الإشارة ، وتعريف الخبر باللّام ، لأنّ تعريف المسند إليه بالإشارة يدلّ على كمال العناية بتمييزه ، لأنّ اسم الإشارة موضوع للمشاهد المحسوس ، وأنّ تعريف المسند باللّام يفيد الانحصار حقيقة ، نحو : الله الواجب ، أي ليس واجب الوجود واقعا إلّا الله.
(٢) حيث يكون الحصر إضافيّا ، ومن باب المبالغة ، أي يعدّ وجود غيره بمنزلة العدم بالإضافة إلى وجوده.
(٣) أي يستحقّ أن يسمّى كتابا ، كما تقول : هو الرّجل ، أي الكامل في الرّجوليّة ، كأنّ غيره ليس برجل.
(٤) أي من الكتب السّماويّة كالتّوراة والإنجيل والزّبور في مقابلة القرآن ناقص ، أتى بلفظ كأنّ رعاية للتّأدّب في إطلاق النّاقص على ما عداه ، من الكتب الإلهيّة ، أو للإشارة إلى أنّ المقصود من الحصر الدّلالة على كماله ، لا التّعريض لنقصان غيره ، كما أنّ قولك : زيد الشّجاع ، قد يقصد به مجرّد إظهار كمال شجاعته ، وقد يتوسّل بذلك إلى التّعريض بنقصان شجاعة غيره ، ممّن يدّعي مساواته له في الشّجاعة ، وهذا الوجه ألطف من الأوّل.
(٥) أي بل ليس ما عداه كتابا بالإضافة إلى القرآن ، ولو كان ذلك الغير كتابا كاملا في نفسه.
(٦) جواب لمّا في قوله : «ولمّا بولغ في وصفه ...».
(٧) أي بأنّه بلغ الدّرجة القصوى في الكمال بحيث إنّ غيره من الكتب السّماويّة كأنّه لا يستأهل أن يسمّى كتابا.
(٨) حيث إنّ كثرة المبالغة تجوّز ، توهم المجازفة لما جرت العادة غالبا أنّ المبالغ في مدحه لا يكون على ظاهره ، إذ لا تخلو المبالغة غالبا من تجوّز وتساهل ، فيتوهّم السّامع