[فأتبعه (١)] على لفظ المبنيّ للمفعول ، والمرفوع المستتر عائد إلى (لا رَيْبَ فِيهِ) والمنصوب البارز إلى (ذلِكَ الْكِتابُ) أي جعل (لا رَيْبَ فِيهِ) تابعا ل (ذلِكَ الْكِتابُ) [نفيا لذلك] التّوهّم (٢) [فوزانه (٣)] أي وزان (لا رَيْبَ فِيهِ) مع (ذلِكَ الْكِتابُ) [وزان نفسه (٤)]
________________________________________
قبل التّأمّل في كمالات الكتاب ، إنّ قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) المفيد للمبالغة في المدح من جملة الكلام الّذي يتكلّم به جزافا ، أي من غير تقدير ومعرفة وخبرة ، (الجزاف) بالضّمّ والفتح سماعيان ، وبالكسر قياس مصدر جازف جزافا ومجازفة ، أي يرمي به رمي جزاف ، أي رميا بطريق الجزاف ، فلا يكون (ذلِكَ الْكِتابُ) صادرا عن رويّة وبصيرة ، فيكون قول الشّارح : «من غير صدور عن رويّة وبصيرة» تفسيرا للجزاف.
(١) بضمّ الهمزة وسكون التّاء وكسر الباء وفتح العين ، لأنّه مبنيّ للمفعول ، من باب الإفعال ، والضّمير المرفوع المستتر فيه نائب الفاعل يعود إلى قوله في المتن المتقدّم (لا رَيْبَ فِيهِ).
(٢) أي توهّم الجزاف في (ذلِكَ الْكِتابُ) فكأنّه قيل : لا ريب فيه ، أي في قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) ولا مجازفة ، ثمّ دفع هذا التّوهّم على تقدير كون الضّمير المجرور في (لا رَيْبَ فِيهِ) راجعا إلى الكلام السّابق ، أعني (ذلِكَ الْكِتابُ) ظاهر ، كأنّه قيل : لا ريب فيه ولا مجازفة فيه ، بل هو صادر عن إتقان ، وأمّا على تقدير كونه راجعا إلى الكتاب ، كما هو الظّاهر فمبنيّ على أنّ نفي الرّيب عن الشّيء شهادة على تبجيل بكماله قطعا ، وأنّه كامل على نحو القطع ولا مجازفة فيه أصلا.
(٣) أي الوزان مصدر قولك : وازن الشّيء ، أي ساواه في الوزن ، وقد يطلق على النّظير باعتبار كون المصدر بمعنى اسم الفاعل ، فيقال : زيد وزان عمرو ، أي شبيهه ونظيره ، وقد يطلق على مرتبة الشّيء إذا كانت مساوية لمرتبة شيء آخر في أمر من الأمور ، وهو المراد هنا ، لأنّ المعنى فمرتبة (لا رَيْبَ فِيهِ) مع (ذلِكَ الْكِتابُ) في دفع توهّم الجزاف مرتبة نفسه مع زيد في قولك : جاءني زيد نفسه.
(٤) أي مرتبة نفسه من جهة كونه رافعا لتوهّم المجاز أي توهّم أنّ الجائي نفسه أو رسوله أو عسكره أو كتابه ، فالحاصل : إنّ فائدة (لا رَيْبَ فِيهِ) نظير فائدة التّأكيد المعنويّ ، أي نفسه من حيث كونه لدفع التّوهّم ، أي توهّم المجازفة بالمجاز ، كأن يتوهّم أنّ الجائي متاعه أو عبده ، وجازف المتكلّم ، ونسب المجيء إليه مجازا.