مع زيد [في جاءني زيد نفسه] فظهر (١) أنّ لفظ وزان في قوله : وزان نفسه ليس بزائد كما توهّم (٢) أو تأكيدا (٣) لفظيّا ، كما أشار إليه بقوله [ونحو : (هُدىً) (٤)] أي هو (٥)
________________________________________
(١) أي فظهر من التّقرير السّابق المفيد أنّ «وزان» بمعنى مرتبة لا بمعنى الموازنة والمشابهة بأن يكون الوزان مصدرا بمعنى اسم الفاعل كي يكون معنى قول المصنّف : «فوزانه وزان نفسه» فمشابهه وموازنه نفسه في جاءني زيد نفسه ، أي فموازن (لا رَيْبَ فِيهِ) ومشابهه هو نفسه ، فيكون الوزان الثّاني زائدا يدرك كونه زائدا بالذّوق السّليم.
(٢) أي كما توهّم بعضهم أنّ وزان الثّاني زائد ، هذا إنّما يصحّ لو كان الوزان بمعنى النّظير والمثل والمشابه ، إلّا أنّ الأمر ليس كذلك بل الوزان مصدر بمعنى المرتبة فحينئذ لا يكون ال «وزان» الثّاني زائدا ، لأنّ المعنى حينئذ أنّ مرتبة (لا رَيْبَ فِيهِ) مع (ذلِكَ الْكِتابُ) مرتبة نفسه في جاءني زيد نفسه من جهة كونه رافعا لتوهّم المجاز.
(٣) عطف على قوله : «تأكيدا معنويا» أي بأن يكون مضمون الجملة الثّانية هو مضمون الأولى وليس المراد بالتّأكيد اللّفظي التأكيد بنفس تكرار اللّفظ ووجه منع العطف في التّأكيد هو كون التّأكيد مع المؤكّد كالشّيء الواحد.
(٤) الهدى هو الهداية ، وهي عبارة عن الدّلالة على سبيل النّجاة.
(٥) أي التّفسير إشارة إلى جواب عن سؤال مقدّر تقرير السّؤال : إنّ الكلام في كون الجملة الثّانية بمنزلة التّأكيد اللّفظي بالقياس إلى الجملة الأولى ، وقوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ليس جملة كي يكون بمنزلة التّأكيد اللّفظي لجملة (ذلِكَ الْكِتابُ) فلا يصحّ التّمثيل به.
وحاصل الجواب : إنّ (هُدىً) خبر لمبتدأ محذوف ، أي هو هدى ، فلا مجال للاعتراض.
نعم ، كان له مجال لو جعل (هُدىً) خبرا عن (ذلِكَ الْكِتابُ) بعد الإخبار عنه ب (لا رَيْبَ فِيهِ) أو جعل حالا ، والعامل اسم الإشارة لم يكن ممّا نحن فيه ، إلّا أنّ التّمثيل مبنيّ على كونه خبرا لمبتدأ محذوف ، وإنّما لم يجعل مبتدأ محذوفا خبره ، أي فيه هدى ، فيكون ممّا نحن فيه ، لفوات المبالغة المطلوبة.