إلى تقدير : كمثل ماء ، لأنّ المعتبر هو الكيفيّة (١) الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف ، واعتبارها (٢) مستغن عن هذا التّقدير ، ومن زعم أنّ التّقدير كمثل ماء (٣) ، وإنّ هذا ممّا يلي الكاف غير المشبّه به بناء على أنّه (٤) محذوف فقد سها سهوا بيّنا (٥) ، لأنّ المشبّه به الّذي قد يكون ملفوظا به وقد يكون محذوفا على ما صرّح به في الإيضاح
________________________________________________________
(١) أي الصّفة ، والحالة الحاصلة من مضمون الكلام أي من مجموع الكلام الواقع بعد الكاف ، وهو النّبات النّاشئ من الماء واخضراره ، ثمّ يبوسته ، ثمّ تطيير الرّياح له.
(٢) أي اعتبار الهيئة والصّفة «مستغن عن هذا التّقدير» ، أي تقدير كمثل ماء ، فيكون المشبّه به يلي الكاف تقديرا.
وجه الاستغناء أنّ المعتبر في المشبّه به هي الهيئة الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف ، فوجود التّقدير وعدمه سيّان ، وإنّما ارتكب هذا التّقدير في (أَوْ كَصَيِّبٍ) لأنّ الضّمائر (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) لما احتاجت إلى تقدير المرجع ، وهو ذوي صيّب انفتح باب الحذف والتّقدير ، فتقدير المرجع والمشبّه به جميعا أولى من الاقتصار على تقدير المرجع ، لأنّه أدلّ وأشدّ ملائمة للمعطوف عليه ، أعني قوله : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً).
(٣) أي من زعم واعتقد أنّ التّقدير في الآية كمثل ماء ، «وإنّ هذا» أي هذا المثال «ممّا يلي الكاف غير المشبّه به» وهو الماء ، والمشبّه به هو المثل.
(٤) أي المشبّه به محذوف ، والمحذوف ليس ممّا يلي الكاف ، بل هو مختصّ باللّفظ ، ويردّ هذا الزّعم بأنّا لا نسلّم ذلك ، لأنّه قد يلي الكاف المشبّه به المحذوف على ما صرّح به في الإيضاح.
(٥) أي هذا الزّاعم قد سها من وجهين : الأوّل : أنّا لا نسلّم أنّ المشبّه به هو مثل الماء وصفته ، بل هو الهيئة المنتزعة فلا حاجة إلى التّقدير أصلا.
الثّاني : أنّا لو سلّمنا أنّ المشبّه به هو مثل الماء ، فيكون في التّقدير ، إلّا أنّا لا نسلّم أنّ المقدّر لا يلي الكاف ، بل المقدّر عندهم كالملفوظ ، فكما أنّ المشبّه به الملفوظ يلي الكاف كذلك المقدّر ، فليس أنّ الكاف في هذه الآية قد وليها غير المشبّه به ، بل الوالي لها هو المشبّه به.