فلا يكون مجازا لغويّا (١) بل عقليّا ، بمعنى أنّ العقل جعل الرّجل الشّجاع من جنس الأسد ، وجعل (٢) ما ليس في الواقع واقعا مجاز عقلي ، [ولهذا] أي ولأنّ إطلاق اسم المشبّه به على المشبّه إنّما يكون بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به [صحّ التّعجّب (٣) في قوله (٤) : قامت تظللنّي] أي (٥) توقع الظّل عليّ [من الشّمس (٦) نفس أعزّ عليّ من نفسي* قامت تظللنّي ، ومن عجب (٧) شمس] أي غلام كالشّمس في الحسن والبهاء (٨) [تظللنّي من الشّمس] فلو لا أنّه ادّعى لذلك الغلام معنى الشّمس الحقيقي ، وجعله (٩) شمسا على الحقيقة لما كان لهذا التّعجّب معنى إذ لا تعجّب في أن
________________________________________________________
(١) أي نظرا إلى الادّعاء المذكور لا يكون مجازا لغويّا ، فإنّ كونه مجازا لغويّا يستدعي كون الكلمة مستعملة في غير ما هي موضوعة له.
(٢) أي وجعل بالرّفع مبتدأ ، وخبره مجاز عقلي ، أي جعل الشّيء الّذي ليس في الواقع ، أي جعله واقعا مجاز عقلي ، لأنّ العقل جعل الرّجل الشّجاع الّذي ليس أسدا في الواقع جعله من جنس الأسد.
(٣) أي صحّ التّعجب الّذي أصله أن يشاهد الإنسان وقوع أمر غريب ، أو حصول شيء من مورد لم تجر العادة على حصوله منه.
(٤) أي قول أبي الفضل بن عميد في غلام قام على رأسه يظلّله من الشّمس.
(٥) أي فسّره الشّارح بذلك ، لأنّ التّظليل عبارة عن إيقاع الظّلّ.
(٦) أي من حرّها وضمّن التّظليل معنى المنع ، فلذا عدّاه بمن ، أي تمنعني من حرّ الشّمس ، فقوله : «نفس» فاعل «قامت» ، ولذلك اتّصلت به تاء التّأنيث ، وإن كان القائم غلاما ، قوله : «أعزّ» صفة لنفس ، وجملة «تظللنّي» في محلّ نصب على الحال ، والتّقدير قامت نفس هي أعزّ من نفسي حال كونها مظلّلة لي من حرّ الشّمس.
(٧) أي قوله : «من عجب» خبر مقدّم ، و «شمس» مبتدأ مؤخّر ، والجملة حال ، والتّقدير قامت تلك النّفس مظلّلة لي ، وشمس مظلّلة من الشّمس من العجب.
(٨) أي فقد شبّه الغلام بالشّمس ، وادّعى أنّه فرد من أفرادها ، وأنّ حقيقتها متحقّقة فيه ، ثمّ استعار له اسمها.
(٩) أي جعل الغلام شمسا على الحقيقة بمعنى أنّ حقيقتها موجودة فيه إذ لو لا هذا