كترتّب (١) ظهور اللّحم على الكشط ، وترتّب ظهور الظّلمة على كشف الضّوء عن مكان اللّيل ، والتّرتّب (٢) أمر عقليّ. وبيان ذلك (٣) : إنّ الظّلمة هي الأصل (٤) والنّور (٥) طار عليها يسترها بضوئه (٦) ، فإذا غربت الشّمس فقد سلخ النّهار (٧) من اللّيل (٨) ، أي كشط وأزيل ، كما يكشط عن الشّيء الشّيء الطّارئ عليه السّاتر له ، فجعل ظهور الظّلمة (٩) بعد ذهاب ضوء النّهار
________________________________________________________
(١) أي راجع إلى قوله : «غالبا» ، وقوله : «وترتّب ظهور الظّلمة» راجع إلى قوله : «دائما» على نحو لفّ ونشر مشوّش ، وذلك فإنّ ترتّب ظهور اللّحم على الكشط ليس دائما ، لأنّه قد يكشط الجلد عن اللّحم بدسّ عود ونحوه بينهما ، بحيث لا يصير لازقا به من غير إزالة له عنه فقد وجد الكشط بدون ظهور اللّحم.
(٢) أي الترتّب مطلقا ، فلا فرق بين كشط الجلد وكشف الضّوء وغيرهما أمر عقليّ.
(٣) أي وبيان ترتّب ظهور الظّلمة على كشف الضّوء عن مكان اللّيل ، وقيل : أي وبيان التّشبيه بين كشط الجلد وكشف الضّوء عن مكان ظلمة اللّيل.
(٤) أي الظّلمة هي الأصل في كلّ حادث ، لأنّ الأصل عدم ظهوره وإنّما يظهر إذا طرأ الضّوء عليه.
(٥) أي والضّوء طار على الظّلمة.
(٦) أي وجعل الضّوء ساترا للظّلمة مبنيّ على أنّ الظّلمة وجوديّة ، وحيث كان الضّوء طارئا على الظّلمة يسترها ، كان كالجلد الطّارئ على عظام الشّاة ولحمها فيسترها.
(٧) أي أراد بالنّهار النّور والضّوء لا الزّمان المقدّر بحركة الفلك من طلوع الشّمس إلى غروبها.
(٨) أي عن مكان ظلمة اللّيل ، فمن بمعنى عن ، وفي الكلام حذف مضافين أي المكان المضاف إلى الظّلمة ، والظّلمة المضافة إلى اللّيل.
(٩) أي كان الأولى أن يقول :
فجعل إظهار الظّلمة كإظهار المسلوخ ، لأنّ السّلخ في الآية بمعنى الإظهار لكن لمّا كان تشبيه الإظهار بالإظهار مستلزما لتشبيه الظّهور بالظّهور اختار التّعبير به.