بمنزلة ظهور المسلوخ بعد سلخ إهابه (١) عنه ، وحينئذ (٢) صحّ قوله تعالى : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)(١) ، لأنّ الواقع (٣) عقب إذهاب الضّوء عن مكان اللّيل هو الإظلام. وأمّا على ما ذكر في المفتاح (٤) من أنّ المستعار له ظهور النّهار من ظلمة اللّيل ففيه إشكال ، لأنّ الواقع بعده (٥) إنّما هو الإبصار دون الإظلام.
________________________________________________________
(١) أي جلده ، قال في المصباح : الإهاب الجلد قبل أن يدبغ.
(٢) أي وحين إذ جعل السّلخ بمعنى كشف الضّوء ، أي نزعه وإزالته لا بمعنى ظهوره صحّ قوله تعالى : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) ، أي داخلون في الظّلام.
(٣) أي قوله : «لأنّ الواقع» علّة لقوله : «صحّ» ، فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ علامة قدر الله أنّه جلّ جلاله يزيل ضوء النّهار ، فيظهر ظلمة اللّيل ، فيقع النّاس في الظّلام فلا يبصرون شيئا ، ولذلك قال جلّ شأنه : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ).
(٤) أي قوله :
«وأمّا على ما ذكر في المفتاح» ، مقابل لمحذوف ، أي أمّا على ما ذكره المصنّف من أنّ المستعار له كشف ضوء النّهار وإزالته عن مكان ظلمة اللّيل ، فلا إشكال في قوله : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) ، أي داخلون في الظّلام ، لأنّ الواقع عقب إزالة الضّوء عن مكان ظلمة اللّيل هو الإظلام ، وأمّا على ما ذكر في المفتاح من أنّ المستعار له ظهور النّهار ، أي الأولى أن يقول إظهار ضوء النّهار من ظلمة اللّيل بطلوع الفجر ، فهو يقول : شبّه إظهار ضوء النّهار من ظلمة اللّيل بطلوع الفجر بكشط الجلد عن نحو الشّاة ، واستعير اسم المشبّه به وهو السّلخ للمشبّه ، واشتقّ منه (نَسْلَخُ) بمعنى نظهر منه النّهار.
«ففيه إشكال» أي ففي قوله : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) إشكال ، إذ هذا يدلّ على عكس ما تحصل ممّا ذكرنا ، أي إنّ علامة قدرة الله أنّه يزيل ظلمة اللّيل فيظهر ضوء النّهار ، فيقع النّاس في الضّياء ، فيبصرون الأشياء ، فلو أريد من الآية ذلك لقيل فيها :
فإذا هم مبصرون بدل قوله : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) ، لأنّ الواقع عقيب ظهور النّهار من ظلمة اللّيل إنّما هو الإبصار لا الإظلام.
(٥) أي بعد ظهور النّهار من ظلمة اللّيل.
__________________
(١) سورة يس : ٣٧.