تلك المعاني إلى هذه بنوع (١) استلزام ، فقول المصنّف في تمثيل متعلّق معنى الحروف [كالمجرور (٢) في : زيد في نعمة] ليس بصحيح (٣) ، وإذا كان التّشبيه لمعنى المصدر ولمتعلّق معنى الحرف [فيقدّر] التّشبيه [في : نطقت الحال ، والحال ناطقة بكذا ، للدّلالة بالنّطق (٤)] أي يجعل دلالة الحال مشبّها ، ونطق النّاطق مشبّها به ، ووجه الشّبه إيضاح المعنى وإيصاله إلى الذّهن (٥) ، ثمّ يستعار للدّلالة لفظ النّطق ، ثمّ يشتقّ من النّطق المستعار الفعل (٦) والصّفة (٧) ، فتكون الاستعارة في المصدر أصليّة وفي
________________________________________________________
(١) أي باستلزام نوعي وهو استلزام الخاصّ للعامّ أعني استلزام الجزئي للكلّي دون العكس والحاصل أنّ من مثلا موضوعة للابتداء الخاصّ والابتداء الخاصّ لمّا كان يرد إلى مطلق ابتداء أي يستلزمه كان مطلق ابتداء متعلّقا بالابتداء الخاصّ وهكذا.
(٢) أي كمعنى المجرور لأن تقدير التّشبيه في معناه.
(٣) أي قول المصنّف ليس بصحيح ، لأنّ المجرور ليس هو المتعلّق بل المتعلّق هو المعنى الكلّي الّذي استلزمه معنى الحرف كما سبق ، فمتعلّق معنى الحرف في المثال المذكور الظّرفيّة المطلقة لا النّعمة ، فقد التبس على المصنّف اصطلاح علماء البيان باصطلاح علماء الوضع ، فإنّ المجرور متعلّق معنى الحرف عندهم ، وأمّا البيانيّون فقد علمت اصطلاحهم في معنى الحرف ، إلّا أن يقال إنّ مقتضى قولك : زيد في نعمة ، كون النّعمة ظرفا لزيد مع أنّها ليست كذلك ، فامتنع حمل اللّفظ على حقيقته ، فحمل على الاستعارة بأن يشبّه مطلق ملابسة شيء لشيء بالظّرفيّة المطلقة ، فسرى التّشبيه للجزئيّات فاستعير لفظة «في» الموضوعة للظّرفيّة الخاصّة لملابسة النّعمة لزيد ، فملابسة زيد للنّعمة مستعار له ، والظّرفيّة الخاصّة مستعار منها ، ولفظة «في» مستعار ، فلا خلل في كلام المصنّف على هذا.
(٤) أي يقدّر تشبيه دلالة الحال بنطق النّاطق في إيضاح المعنى وإيصاله إلى ذهن المخاطب.
(٥) أي كان الأولى للشّارح أن يجعل وجه الشّبه إيصال المعنى إلى الذّهن ، ويحذف إيضاح المعنى لأنّه نفس المشبّه الّذي هو الدّلالة.
(٦) أي كما في نطقت الحال.
(٧) أي كما في الحال ناطقة بكذا.