الفعل والصّفة تبعيّة (١) ، وإن أطلق (٢) النّطق على الدّلالة لا باعتبار التّشبيه ، بل باعتبار أنّ الدّلالة لازمة له يكون مجازا مرسلا ، وقد عرفت (٣) أنّه لا امتناع في أن يكون اللّفظ الواحد بالنّسبة إلى المعنى الواحد استعارة ومجازا مرسلا باعتبار العلاقتين (٤). [و] يقدّر التّشبيه [في لام التّعليل نحو : (فَالْتَقَطَهُ) (٥)] أي موسى (آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(١) (٦) للعداوة] أي يقدّر تشبيه العداوة [والحزن] الحاصلين [بعد الالتقاط بعلّته]
________________________________________________________
(١) أي لتأخّرها وفرعيّتها عن الاستعارة الّتي في المصدر ، هذا كلّه بناء على جعل العلاقة بين الدّلالة والنّطق المشابهة.
(٢) أي هذا مقابل لمحذوف ، أي هذا إذا جعلت العلاقة المشابهة ، فإن جعلت العلاقة اللزّوم بأن أطلق النّطق على الدّلالة لا باعتبار التّشبيه ، بل باعتبار أنّ الدّلالة لازمة له كان مجازا مرسلا ، علاقته اللزّوم الخاصّ ، أعني لزوم المسبّب للسّبب لا مطلق اللزّوم.
(٣) أي قد عرفت فيما سبق أنّ لفظ المشفر استعارة في شفة الإنسان باعتبار المشابهة في الغلظ ، ومجاز مرسل باعتبار إطلاق المقيّد على المطلق ، فالنّطق أيضا استعارة في الدّلالة باعتبار المشابهة في إيضاح المعنى وإيصاله إلى الذّهن ، ومجاز مرسل باعتبار لزوم الدّلالة للنّطق ، ولا امتناع في أن يكون اللّفظ الواحد بالنّظر إلى المعنى الواحد استعارة ومجازا مرسلا ، لكن باعتبار العلاقتين ، أي علاقة المشابهة وعلاقة غير المشابهة.
(٤) أي علاقة المشابهة وغير المشابهة ، فاستعارة باعتبار العلاقة الأولى ، ومجاز مرسل باعتبار العلاقة الثّانية.
(٥) أي أخذه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا.
(٦) والشّاهد في الآية أنّه يقدّر التّشبيه بين العداوة والحزن ، وبين المحبّة والتّبنّي في أنّ كلا من هذه الأمور مترتّب على الالتقاط ، فالمشبّه هو العداوة والحزن ، والمشبّه به هو المحبّة والتّبنّي ، والجامع هو التّرتّب ، ثمّ استعمل في العداوة والحزن ما كان حقّه أن يستعمل في العلّة الغائيّة ، وهي المحبّة والتّبنّي ، هذه هي الاستعارة في المجرور ، ثمّ الاستعارة في اللّام تبعا للاستعارة في المجرور ، حيث استعيرت اللّام الموضوعة لترتّب العلّة الغائيّة على معلولها ، كترتّب المحبّة والتّبنّي على الالتقاط ، أي استعيرت اللّام لترتّب غير العلّة الغائيّة ،
__________________
(١) سورة القصص : ٨.