كقوله : (١)
ويصعد (٢) حتّى يظن (٣) الجهول |
|
بأنّ له حاجة في السّماء] |
استعار الصّعود لعلوّ القدر والارتقاء في مدارج (٤) الكمال ، ثمّ بنى (٥) عليه ما يبنى على علوّ المكان والارتقاء إلى السّماء ، من ظنّ الجهول (٦) أنّ له حاجة في السّماء ، وفي لفظ الجهول زيادة مبالغة في المدح ، لما فيه من الإشارة
________________________________________________________
(١) أي كقول أبي تمّام من قصيدة يرثي بها خالد بن يزيد الشّيباني ، ويذكر فيها مدح أبيه ، وهذا البيت في مدح أبيه وذكر علوّ قدره.
(٢) أي ويرتقي ذلك الممدوح في مدارج الكمال ، فليس المراد بالصّعود هنا معناه الأصلي الّذي هو الارتقاء في المدراج الحسّيّة ، إذ لا معنى له هنا وإنّما المراد به العلوّ في مدارج الكمال والارتقاء في الأوصاف الشّريفة ، فهو استعارة من الارتقاء الحسّي إلى الارتقاء المعنوي ، والجامع مطلق الارتقاء المستعظم في النّفوس ، بحيث يبعد التّوصّل إليه ، وإلى هذا أشار الشّارح بقوله : «استعار» أي الشّاعر «الصّعود ...».
(٣) أي إلى أن يبلغ إلى حيث يظنّ الجهول ، وهو الّذي لا ذكاء عنده ، إنّ له أي الممدوح حاجة في السّماء لبعده عن الأرض وقربه من السّماء.
(٤) أي مراتب الكمال.
(٥) أي ثمّ رتّب على علوّ القدر المستعار له ما يبنى على علوّ المكان أي وهو الارتفاع الحسّي الّذي هو المستعار منه ، وذلك البناء بعد تناسي تشبيه علوّ القدر بالعلوّ الحسّي ، وادّعاء أنّه ليس ثمّة إلّا الارتفاع الحسّي الّذي وجه الشّبه فيه أظهر.
(٦) أي قوله : «من ظنّ الجهول» بيان لما في قوله : «ما يبنى» ، ولا شكّ أنّ القرب من السّماء وظنّ أنّ له حاجة فيها ممّا يختصّ بالصّعود الحسّي ويترتّب عليه ، لا على علوّ القدرة والمنزلة.
ثمّ إنّ ظنّ الجهول أنّ له حاجة في السّماء لم ينقل من معناه الأصلي الملائم للمستعار منه لمعنى ملائم للمستعار له ، وإنّما هو ذكر لازم من لوازم المشبّه به لإظهار أنّه الموجود في التّركيب لا شيء شبيه به ، وبهذا يعلم أنّ التّرشيح قد يستعمل في معناه الأصلي الملائم