تشبيه (١) لا استعارة (٢) ، وفي التّشبيه اعتراف بالمشبّه (٣) ، ومع ذلك (٤) فقد بني الكلام على المشبّه به ، أعني الشّمس (٥) وهو واضح ، فقوله : وإذا جاز البناء ، شرط جوابه قوله : [فمع جحده (٦)] أي جحد الأصل كما في الاستعارة البناء على الفرع [أولى] بالجواز ، لأنّه قد طوي فيه ذكر المشبّه أصلا ، وجعل الكلام خلوا عنه ، ونقل الحديث (٧) إلى المشبّه به. وقد وقع في بعض أشعار العجم النّهي عن التّعجّب مع التّصريح بأداة التّشبيه ، وحاصله (٨) لا تعجبوا من قصر ذوائبه (٩) فإنّها كاللّيل ووجهه كالرّبيع (١٠)
________________________________________________________
تنزل إليك المنزل ، ويكون المصدر المذكور مفسّرا لذلك العامل المحذوف.
(١) أي بليغ بحذف الأداة ، والأصل هي كالشّمس ، فحذفت الأداة للمبالغة في التّشبيه بجعل المشبّه عين المشبّه به.
(٢) أي ليس قوله : «هي الشّمس» استعارة ، لأنّه يشترط فيها أن لا يذكر الطّرفان على وجه ينبئ عن التّشبيه ، وهما هنا مذكوران كذلك المشبّه بضميره والمشبّه به بلفظه الظّاهر.
(٣) أي الحبيبة هنا ، أي ذكر المشبّه.
(٤) أي ومع الاعتراف بالمشبّه «فقد بنى الكلام على المشبّه به» ، أي ذكر ما يناسبه وهو قوله : «مسكنها في السّماء».
(٥) أي أعنى بالمشبّه به الشّمس ، وكيف كان فالشّاهد في قوله : «مسكنها في السّماء» حيث بناه على المشبّه به ، أعني الشّمس مع ـ الاعتراف بالمشبّه أعني المحبوبة.
(٦) أي مع ظرف لمحذوف ، أي فالبناء على الفرع مع جحد الأصل وإنكاره ، وعدم ذكره أولى بالجواز ، ووجه الأوّلوية أنّه عند الاعتراف بالأصل قد وجد ما ينافي البناء ، لأنّ ذكر المشبّه يمنع تناسي التّشبيه المقتضي للبناء على الفرع ، ومع جحد الأصل يكون الكلام قد نقل للفرع الّذي هو المشبّه به لطيّ ذكر المشبّه ، فيناسبه التّناسي المقتضي أنّه لا خطور للمشبّه في العقل ، ولا وجود له في الخارج ، وذلك مناسب لذكر ما يلائم ذلك الفرع ، فإذا جاز البناء في الأوّل مع وجود ما ينافي ، فجوازه مع عدم المنافي أحرى وأولى.
(٧) أي نقل الكلام إلى المشبّه به فقطّ.
(٨) أي وحاصل شعر العجم.
(٩) أي شعره.
(١٠) أي ووجهه كالرّبيع في البهجة والنّضارة.