وذلك (١) لأنّ الأصل في التّشبيه وإن كان هو المشبّه به من جهة أنّه أقوى وأعرف إلّا أنّ المشبّه هو الأصل من جهة أنّ الغرض يعود إليه ، وأنّه المقصود في الكلام بالنّفي والإثبات [كما في قوله : (٣) : هي الشّمس مسكنها في السّماء* فعزّ] أمر من ـ عزاه (٣) ـ ـ حمله على العزاء ، وهو الصّبر ، [الفؤاد عزاء جميلا* فلن تستطع] أنت [إليها] أي إلى الشّمس [الصّعودا* ولن تستطيع] الشّمس [إليك النّزول] والعامل في إليها وإليك ، هو المصدر (٤) بعدهما إن جوزّنا تقديم الظّرف على المصدر (٥) وإلّا (٦) فمحذوف يفسّره الظّاهر ، فقوله : هي الشّمس ،
________________________________________________________
وأقرب ، ثمّ المراد بالبناء عليه ذكر ما يلائمه ، والمراد بالاعتراف بالأصل ذكره ، وحينئذ فالمعنى وإذا جاز ذكر ما يلائم المشبّه به في التّشبيه الخالي عن الاستعارة ، وهو الّذي ذكر طرفاه ومع جحد الأصل ، كما في الاستعارة البناء على الفرع أولى بالجواز.
(١) أي بيان ذلك ، أي كون المشبّه به فرعا والمشبّه أصلا ، وهذا جواب عمّا يقال : كيف سمّى المصنّف المشبّه به فرعا والمشبّه أصلا مع أنّ المعروف عندهم عكس هذه التّسمية ، لأنّ المشبّه به هو الأصل المقيس عليه ، ولأنّه أقوى من المشبّه غالبا في وجه الشّبه ، وأعرف به.
وحاصل جواب الشّارح : أنّ المصنّف إنّما سمّى المشبّه أصلا نظرا إلى كونه هو المقصود في التّركيب من جهة أنّ الغرض من التّشبيه يعود إليه ، ولكونه هو المقصود في الكلام بالنّفي والإثبات ، فإنّ النّفي والإثبات في الكلام يعود إليه ، أي إلى شبهه ، فإنّك إذا قلت : زيد كالأسد ، فقد أثبتّ للمشبّه شبهه بالأسد ، وهو المقصود بالذّات ، وإذا قلت : ليس زيد كالأسد ، فقد نفيت شبهه به أيضا بالقصد الأوّل ، وإن كان ثبوت الشّبه ونفيه للمشبّه به حاصلا أيضا لكن تبعا.
(٢) أي قول الشّاعر ، وهو العبّاس بن الأحنف قوله : «هي الشّمس» ، أي هذه الحبيبة هي الشّمس ، ثمّ قوله : «مسكنها في السّماء» صفة للشّمس.
(٣) أي حينئذ فالمعنى فاحمل فؤادك على الصّبر.
(٤) أي وهو الصّعود والنّزول.
(٥) أي على عامله المصدر ، وهو الحقّ عند الشّارح.
(٦) أي وإن لم نجوّز تقديم الظّرف على عامله المصدر ، فيكون العامل في «إليها» ، وفي «إليك» محذوفا ، والتّقدير فلن تستطيع أن تصعد إليها الصّعود ، ولن تستطيع الشّمس أن